وأخذ البلد منه، وكان هذا محمد آخرالملوك من أهل بيته.
وفيها توفي سقمان بن محمد بن قرا أرسلان بن داود بن سقمان بن أرتق صاحب آمد وحصن كيفا، سقط من سطح جوسق كان له بحصن كيفا، فمات، وكان له أخ اسمه محمود بن محمد، وكان سقمان. يبغضه، فأبعده إلى حصن منصور، وكان قد جعل سقمان ولي عهده مملوكه إياس، وكان يحبه حباً شديداً، وأوصى له بالملك بعده، فلما مات سقمان، استولى إياس على البلاد، فلم ينتظم له حال، وكاتبوا أخاه محموداً فحضر وملك بلاد أخيه سقمان.
وفيها كان بمصر غلاء شديد بسبب نقص النيل.
وفيها كان بالجزيرة والشام والسواحل زلزلة عظيمة فهدمت مدناً كثيرة.
وفيها في رمضان توفي أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي الحنبلي الواعظ المشهور وتصانيفه مشهورة، وكان كثير الوقيعة في العلماء، وكان مولده سنة عشر وخمسمائة.
ثم دخلت سنه ثمان وتسعين وخمسمائة في هذه السنة بعد رحيل الملك الأفضل، والظاهر عن دمشق كما ذكرنا، قدم إليها الملك العادل، وكان قد سار ميمون القصري مع الملك الظاهر فأقطعه إعزاز.
وفيها خرب الملك الظاهر قلعة منبج خوفاً من انتزاعها منه، وأقطع منبج بعد ذلك عماد الدين أحمد بن سيف الدين علي بن أحمد المشطوب.
وفيها أرسل قراقوش نائب عبد الملك بن محمد بن عبد الملك بن مقدم بفامية إلى الملك الظاهر يبذل له تسليم فامية، بشرط أن يعطي شمس الدين عبد الملك بن المقدم إقطاعاً يرضاه، فأقطعه الملك الظاهر الراوندان وكفر طاب ومفردة المعرة، وهو عشرون ضيعة معينة من بلاد المعرة، وتسلم فامية، ثم إن عبد الملك بن المقدم، عصى بالراوندان، فسار إليه الملك الظاهر واستنزله منها. وأبعده، فلحق ابن المقدم بالملك العادل، فأحسن إليه.
وفيها سار الملك العادل من دمشق ووصل إلى حماة، ونزل على تل صفرون، وقام الملك المنصور صاحب حماة بجميع وظائفه، وكلفه، وبلغ الظاهر صاحب حلب وصول عمه العادل إلى حماة بنية قصده ومحاصرته بحلب، فاستعد للحصار بحلب، وراسل عمه ولاطفه وأهدى إليه، ووقعت بينهما مراسلات، ورقع الصلح، وانتزعت منه مفردة المعرة، واستقرت للمللث المنصور صاحب حماة وأخذت من الملك الظاهر أيضاً قلعة نجم، وسلمت إلى الملك الأفضل وكانت له سروج وسميساط، وسلم الملك العادل حران وما معها لولده الملك الأشرف مظفر الدين موسى، وسيره إلى الشرق، وكان بميافارقين الملك الأوحد بن الملك العادل، وبقلعة جعبر الملك الحافظ نور الدين أرسلان شاه بن الملك العادل، ولما استقر الصلح بين الملك العادل والظاهر، رجع الملك العادل إلى دمشق وأقام بها، وقد انتظمت المماليك الشامية والشرقية والديار المصرية كلها في سلك ملكه وخطب له على منابرها، وضربت السكة فيها باسمه.