للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر غير ذلك في هذه السنة عاد خوارزم شاه محمد بن تكش واسترجع البلاد التي أخذها الغورية من خراسان إلى ملكه.

وفيها توفي هبة الله بن علي بن مسعود بن ثابت المنستيري - بضم الميم وفتح النون وسكون السين المهملة وكسر التاء المثناة من فوقها وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها راء ومنستير بليدة بإفريقية. وكان هبة الله المذكور عالي الإسناد، ولم يكن في عصره من هو في درجته، سمع إبراهيم بن حاتم الأسدي، وسمع جماعة من الأكابر وسمع الناس على هبة الله المذكور، وسافروا إليه من البلاد لعلو إسناده، وكان جده مسعود قد قدم من منستير إلى بوصير، فعرف هبة الله المذكور بالبوصيري، وكانت ولادته سنة ست وخمسمائة.

ثم دخلت سنة تسع وتسعين وخمسمائة والملك العادل مقيم بدمشق. وفيها في المحرم توفي فلك الدين سلطان أخو الملك العادل لأمه، وهو الذي تنسب إليه المدرسة الفلكية بدمشق.

ذكر الحوادث باليمن كان قد تملك اليمن الملك المعز إسماعيل بن سيف الإسلام بن طغتكين بن أيوب وكان فيه هوج وخبط، فادعى أنه قرشي، وأنه من بني أمية، ولبس الخضرة، وخطب بنفسه، ولبس ثياب الخلافة في ذلك الزمان، وكان طول الكم نحو عشرين شبراً، وخرج عن طاعته جماعة من مماليك أبيه واقتتلوا معه، وانتصر عليهم، ثم اتفق معهم جماعة من الأمراء الأكراد وقتلوا المعز إسماعيل وأقاموا في مملكة اليمن أخاً له صغيراً، وسموه الناصر، وبقي مدة، وأقام بأتابكيته مملوك والده وهو سيف الدين سنقر، ثم مات سنقر بعد أربع سنين، وتزوج أم الناصر أمير من أمراء الدولة يقال له غازي بن جبرئل، وقام بأتابكية الناصر ثم سمّ الناصر في كوز فقاع على ما قيل، وبقي غازي متملكاً للبلاد، ثم قتله جماعة من العرب بسبب قتله للناصر بن طغتكين، وبقيت اليمن خاليه بغير سلطان، فتغلبت أم الناصر المذكور على زبيد، وأحرزت عندها الأموال، وكانت تنتظر وصول أحد من بني أيوب لتتزوج به وتملكه البلاد، وكان للملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب ولد اسمه سعد الدين شاهنشاه، وكان له ابن اسمه سليمان، فخرج سليمان بن شاهنشاه بن عمر فقيراً يحمل الركوة على كتفه، ويتنقل مع الفقراء من مكان إلى مكان، وكان قد أرسلت أم الناصر بعض غلمانها إلى مكة حرسها الله تعالى في موسم الحاج ليأتيها بأخبار مصر والشام، فوجد غلمانها سليمان المذكور، فأحضروه إلى اليمن، فاستحضرته أم الناصر وخلعت عليه وملكته اليمن، فملأ اليمن ظلماً وجوراً وأطرح زوجته التي ملكته البلاد، وأعرض عنها، وكتب إلى السلطان الملك العادل وهو عم جده كتاباً جعل في أوله أنه من سليمان، وأنه بسم الله الرحمن الرحيم،

<<  <  ج: ص:  >  >>