للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على طفار ومرباط وغيرهما من حضرموت. وفيها خرج أسطول للفرنج فاستولوا على مدينة فوه من الديار المصرية فنهبوها خمسة أيام.

وفيها كانت زلزلة عظيمة، عمت مصر والشام والجزيرة وبلاد الروم وصقلية وقبرس والعراق وغيرها، وخربت سور مدينة صور.

ثم دخلت سنة إحدى وستمائة: في هذه السنة كانت الهدنة بين الملك العادل والفرنج، وسلم إلى الفرنج يافا، ونزل عن مناصفات لد والرملة، ولما استقرت الهدنة، أعطى العساكر دستوراً، وسار الملك العادل إلى مصر وأقام بدار الوزارة.

وفيها أغارت الفرنج على حماة ووصلوا إلى قرب حماة، إلى قرية الرقيطا، وامتلأت أيديهم من المكاسب، وأسروا من أهل حماة شهاب الدين بن البلاعي، وكان فقيهاً شجاعاً تولى بر حماة مرة، وسلمية أخرى، وحمل إلى طرابلس، فهرب وتعلق بجبال بعلبك ووصل إلى أهله بحماة سالماً، ثم وقعت الهدنة بين الملك المنصور صاحب حماة وبين الفرنج.

وفيها بعد الهدنة توجه الملك المنصور صاحب حماة إلى مصر، وكان عنده استشعار من السلطان الملك العادل، فلما وصل إليه بالقاهرة أحسن إليه إحساناً كثيراً وأقام في خدمته شهوراً، ثم خلع عليه وعلى أصحابه وعاد إلى حماة.

وفيها ملك السلطان غياث الدين كيخسرو بن قليج أرسلان بلاد الروم، وكان لما تغلب أخوه ركن الدين سليمان بن قليج أرسلان على البلاد قد هرب كيخسرو المذكور إلى الملك الظاهر صاحب حلب، ثم تركه وسار إلى قسطنطينية، فأحسن إليه صاحبها، وأقام بالقسطنطينية إلى أن مات أخوه ركن الدين سليمان، وتولى ابنه قليج أرسلان، فسار كيخسرو من قسطنطينية وأزال أمر ابن أخيه، وملك بلاد الروم واستقر أمره.

وفيها كانت الحرب بين الأمير قتادة الحسيني أمير مكة، وبين الأمير سالم بن قاسم الحسيني أمير المدينة، وكانت الحرب بينهما سجالاً.

ثم دخلت سنة اثنتين وستمائة والملك العادل بالديار المصرية والممالك بحالها.

ذكر قتل ملك الغورية شهاب الدين في هذه السنة أول ليلة من شعبان قتل شهاب الدين أبو المظفر محمد بن سام بن الحسين الغوري ملك غزنة، وبعض خراسان، بعد عوده من لهاوور بمنزل يقال له دمبل، قبل صلاة العشاء، وثب عليه جماعة وهو بخركاته، وقد تفرق الناس عنه لأماكنهم فقتلوه بالسكاكين، قيل أنهم من الكوكير، وهم طائفة من أهل الجبال، مفسدون، كان شهاب الدين قد فتك فيهم، وقيل أنهم من الإسماعيلية، فإن شهاب الدين أيضاً كان كثير الفتك فيهم، واجتمع حرس شهاب الدين فقتلوا أولئك الذين قتلوا شهاب الدين عن آخرهم، وكان شهاب الدين شجاعاً كثير الغزو، عادلاً في الرعية، وكان الأمام فخر الدين الرازي يعظه في داره، فحضر يوماً ووعظه وقال في آخر كلامه: يا سلطان لا سلطانك يبقى، ولا تلبيس الرازي،

<<  <  ج: ص:  >  >>