والملك العادل بدمشق. وفيها كانت الهدنة بين الملك المنصور صاحب حماة وبين الفرنج. وفيها نازل ابن لاوون ملك الأرمن أنطاكية فتحرك الملك الظاهر صاحب حلب ووصل إلى حارم، فرحل ابن لاورن عن أنطاكية على عقبه.
وفيها خطب قطب الدين محمد بن عماد الدين زنكي بن مودود صاحب سنجار للملك العادل ببلاده، وانتمى إليه، فصحب على ابن كمه نور الدين أرسلان شاه بن مسعود بن مودود، وقصد نصيبين وهي لقطب الدين، واستولى على مدينتها، فاستنجد قطب الدين بالملك الأشرف ابن العادل، فسار إليه واجتمع معه أخوه الملك الأوحد صاحب ميافارقين، والتقى الفريقان بقرية يقال لها بوشرة، فانهزم نور الدين أرسلان شاه صاحب الموصل هزيمة قبيحة، ودخل إلى الموصل وليس معه غير أربعة أنفس، وكانت هذه الواقعة أول ما عرفت من سعادة الملك الأشرف بن الملك العادل، فإنه لم ينهزم له راية بعد ذلك، واستقرت بلاد قطب الدين محمد بن زنكي عليه، ووقع الصلح بينهم في أول سنة إحدى وستمائة.
وفيها اجتمع الفرنج لقصد بيت المقدس، فخرج السلطان الملك العادل من دمشق وجمع العساكر ونزل على الطور في قبالة الفرنج، ودام ذلك إلى آخر السنة. وفيها استولت الفرنج على قسطنطينية وكانت قسطنطينية بيد الروم من قديم الزمان، فلما كانت هذه السنة اجتمعت الفرنج وقصدتها في جموع عظيمة، وحاصروها فملكوها، وأزالوا يد الروم عنها، ولم تزل بأيدي الفرنج إلى سنة ستين وستمائة، فقصدتها الروم واستعادوها من الفرنج.
وفيها توفي السلطان ركن الدين سليمان بن قليج أرسلان بن مسعود بن قليج أرسلان بن سليمان بن قطومش بن يبغو أرسلان بن سلجوق، سلطان بلاد الروم، في سادس ذي القعدة حسبما قدمنا ذكره في سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، وكان مرضه بالقولنج، وكان قبل مرضه بخمسة أيام قد غدر بأخيه صاحب أنكورية، وهي أنقرة، وكان ركن الدين المذكور يميل إلى مذهب الفلاسفة، ويحسن إلى طائفتهم ويقدمهم، ولما مات ركن الدين، ملك ولده قليج أرسلان ابن سليمان، وكان صغيراً، فلم يستثبت أمره، وكان ما سنذكره إلى شاء الله تعالى.
وفيها كان بين خوارزم شاه محمد بن تكش وبين شهاب الدين ملك الغورية قتال، انتصر فيه ملك الغورية، واستنجد خوارزم شاه بالخطا، فساروا واتقعوا مع شهاب الدين ملك الغورية. فهزموه، وشاع ببلاده أن شهاب الدين قتل، فاختلفت مملكته وكثر المفسدون، ثم إنه ظهر ووصل إلى غزنة واستقر في ملكه، وتراجعت الأمور إلى ما كانت عليه.
وفيها قتل كلجا مملوك البهلوان، وكان قد ملك الري وهمدان وبلاد الجبل، قتله خشداشه أيدغمش مملوك البهلوان، وتملك موضعه، وأقام أيدغمش ابن أستاذه أزبك بن البهلوان في الملك، وليس لأزبك غير الاسم، والحكم لأيدغمش.