حماة، من ملكة خاتون بنت السلطان الملك العادل أبي بكر بن أيوب، وسمي عمر، وإنما سمي محموداً بعد ذلك، وكانت ولادته بقلعة حماة ظهر يوم الثلاثاء رابع عشر رمضان من هذه السنة.
وفي هذه السنة أرسل الملك العادل وانتزع ما كان بيد الملك الأفضل، وهي رأس عين وسروج وقلعة نجم، ولم يترك بيده غير سميساط فقط، فأرسل الملك الأفضل والدته فدخلت على الملك المنصور صاحب حماة، ليرسل معها من يشفع في الملك الأفضل عند الملك العادل في إبقاء ما كان بيده، وتوجهت أم الملك الأفضل، وتوجه معها من حماة القاضي زين الدين ابن الهندي إلى الملك العادل، فلم يجبها الملك العادل، ورجعت خائبة، قال عز الدين ابن الأثير مؤلف الكامل، وقد عوقب البيت الصلاحي بمثل ما فعله والدهم السلطان صلاح الدين، لما خرجت إليه نساء بيت الأتابك، ومن جملتهن بنت نور الدين الشهيد، يشفعن في إبقاء الموصل على عز الدين مسعود فردهن ولم يجب إلى سؤالهن، ثم ندم رحمه الله تعالى على ردهن، فجرى للملك الأفضل بن السلطان صلاح الدين مع عمه مثل ذلك، ولما جرى ذلك قام الملك الأفضل بسميساط، وقطع خطبة عمه الملك العادل، وخطب للسلطان ركن الدين سليمان بن قليج أرسلان بن مسعود السلجوقي صاحب بلاد الروم.
ذكر وفاة غياث الدين ملك الغورية وفي هذه السنة في جمادى الأولى، توفي غياث الدين أبو الفتح محمد بن سام بن الحسين الغوري صاحب غزنة، وبعض خراسان، وغيرها، وكان أخوه شهاب الدين بطوس عازماً على قصد خوارزم، وخلف غياث الدين من الولد، ابناً اسمه محمود، ولقب غياث الدين بلقب والده، ولم يحسن شهاب الدين الخلافة على ابن أخيه ولا على غيره من أهله، وكان لغياث الدين زوجة يحبها، وكانت مغنية، فقبض عليها شهاب الدين بعد موت أخيه غياث الدين وضربها ضرباً مبرحاً، وأخذ أموالها، وكان غياث الدين مظفراً منصوراً، لم ينهزم له راية قط، وكان له دهاء ومكر، وكان حسن الاعتقاد كثير الصدقات، وكان فيه فضل غزير وأدب مع حسن خط وبلاغة، وكان ينسخ المصاحف بخطه ويوقفها في المدارس التي بناها، وكان على مذهب الكرامية، ثم تركه وصار شافعياً.
ذكر غير ذلك وفي هذه السنة استولى الكرج على مدينة دوين من أذربيجان، ونهبوها وقتلوا أهلها، وكانت هي وجميع أذربيجان للأمير أبي بكر بن البهلوان، وكان مشغولاً ليلاً ونهاراً بشرب الخمر، ولا يلتفت إلى تدبير مملكته، ووبخه أمراؤه ونوابه على ذلك فلم يلتفت.
وفيها توفيت زمرد أم الخليفة الإمام الناصر، وكانت كثيرة المعروف.