ذكر وفاه صاحب سنجار وقد تقدم ذكر ولايته في سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وفي هذه السنة توفي قطب الدين محمد ابن عماد الدين زنكي بن مودود بن عماد الدين زنكي بن أقسنقر صاحب سنجار، فملك سنجار بعده ولده عماد الدين شاهنشاه بن محمد، وكان قطب الدين حسن السيرة في رعيته، وبقي عماد الدين شاهنشاه في الملك شهوراً، ثم وثب عليه أخوه محمود بن محمد فذبحه وملك سنجار، وهذا محمود هو آخر من ملك سنجار من البيت الأتابكي.
ذكر تخريب القدس وفي هذه السنة أرسل الملك المعظم عيسى بن الملك العادل صاحب دمشق الحجارين، والنقابين إلى القدس، فخرب سواره، وكانت قد حصنت إلى الغاية، فانتقل منه عالم عظيم، وكان سبب ذلك أن الملك المعظم لما رأى قوة الفرنج تغلبهم على دمياط خشي أن يقصدوا القدس، فلا يقدر على منعهم، فخربه لذلك.
ذكر استيلاء الفرنج على دمياط ولم تزل الفرنج يضايقون دمياط حتى هجموها في هذه السنة عاشر رمضان، وقتلوا وأسروا من بها، وجعلوا الجامع كنيسة، واشتد طمع الفرنج في الديار المصرية، وحين أخذت دمياط ابتنى الملك الكامل مدينة وسماها المنصورة، عند مفترق البحرين الآخذ أحدهما إلى دمياط والآخر إلى أشمون طناخ، ونزل فيها بعساكره.
ذكر ظهور التتر وفي هذه السنة كان ظهور التتر، وقتلهم في المسلمين، ولم ينكب المسلمون بأعظم مما نكبوا في هذه السنة، فمن ذلك ما كان من تمكن الفرنج بملكهم دمياط، وقتلهم أهلها، وأسرهم. ومنه المصيبة الكبرى، وهو ظهور التتر وتملكهم في المدة القريبة أكثر بلاد الإسلام، وسفك دمائهم، وسبي حريمهم وذراريهم، ولم تفجع المسلمون مذ ظهر دين الإسلام بمثل هذه الفجيعة.
وفي هذه السنة خرجوا على علاء الدين محمد خوارزم شاه بن تكش، وعبروا نهر جيحون، ومعهم ملكهم جنكزخان، لعنه الله تعالى، فاستولوا على بخارى رابع ذي الحجة من هذه السنة بالأمان، وعصت عليهم القلعة فحاصروها وملكوها، وقتلوا كل من بها. ثم قتلوا أهل البلد عن آخرهم. من تاريخ ظهور التتر تأليف محمد بن أحمد بن علي المنشي النسوي كاتب إنشاء جلال الدين قال: إن مملكة الصين مملكة متسعة، دورها ستة أشهر، وقد انقسمت من قديم الزمان ستة أجزاء، كل جزء منها مسيرة شهر، يتولى أمره