خان، وهو الملك بلغتهم، نيابة عن خانهم الأعظم، وكان خانهم الكبير الذي عاصر خوارزم شاه محمد بن تكش، يقال له الطون خان، وقد توارث الخانية كابراً عن كابر، بل كافراً عن كافر، ومن عادة خانهم الأعظم الإقامة بطوغاج، وهي واسطة الصين، وكان من زمرتهم في عصر المذكور شخص يسمى دوشي خان، وهو أحد الخانات المتولي أحد الأجزاء الستة، وكان مزوجاً بعمة جنكزخان اللعين، وقبيلة جنكزخان اللعين هي المعروفة بقبيلة التمرجي، سكان البراري، ومشتاهم موضع يسمى أرغون، وهم المشهورون بين التتر بالشر والغدر، ولم تر ملوك الصين إرخاء عنانهم لطغيانهم، فاتفق أن دوشي خان زوج عمة جنكزخان مات، فحضر جنكزخان إلى عمته زائراً ومعزياً، وكان الخانان المجاوران لعمل دوشي خان المذكور، يقال لأحدهما كشلوخان، وللآخر فلان خان، فكانا يليان ما يتاخم عمل دوشي خان المذكور المتوفي من الجهتين، فأرسلت امرأة دوشي خان إلى كشليخان، والخان الآخر، تنعي إليهما زوجهما دوشي خان، وأنه لم يخلف ولداً، وأنه كان حسن الجوار لهما، وأن ابن أخيها جنكزخان إن أقيم مقامه يحذو حذو المتوفي في معاضدتهما، فأجابها الخانان المذكوران إلى ذلك، وتولى جنكزخان ما كان لدوشي خان المتوفي من الأمور، بمعاضدة الخانين المذكورين، فلما أنهي الأمر إلى الخان الأعظم، الطون خان، أنكر تولية جنكزخان واستحقره، وأنكر على الخانين اللذين فعلا ذلك، فلما جرى ذلك خلعوا طاعة الطون خان، وانضم إليهم كل من هو من عشائرهم، ثم اقتتلوا مع الطون خان، فولى منهزماً، وتمكنوا من بلاده، ثم أرسل الطون خان وطلب منهم الصلح، وأن يبقوه على بعض البلاد، فأجابوه إلى ذلك وبقي جنكزخان والخانان الآخران مشتركين في الأمر، فاتفق موت الخان الواحد، واستقل بالأمر جنكزخان وكشلوخان، ثم مات كشلوخان، وقام ابنه ولقب بكشلوخان أيضاً، مقامه، فاستضعف جنكزخان جانب كشلوخان بن كشلوخان لصغره وحداثة سنه، وأخل بالقواعد التي كانت مقررة بينه وبين أبيه، فانفرد كشلوخان عن جنكزخان وفارقه لذلك، ووقع بينهما الحرب، فجرد جنكزخان جيشاً مع ولده دوشي خان بن جنكزخان، فسار دوشي خان واقتتل مع كشلوخان، فانتصر دوشي خان وانهزم كشلوخان وتبعه دوشي خان وقتله، وعاد إلى جنكزخان برأسه، فانفرد جنكزخان بالمملكة.
ثم إن جنكزخان راسل خوارزم شاه محمد بن تكش في الصلح، فلم ينتظم، فجمع جنكزخان عساكره والتقى مع خوارزم شاه محمد، فانهزم خوارزم شاه فاستولى جنكزخان على بلاد ما وراء النهر، ثم تبع خوارزم شاه محمداً، وهو هارب بين يديه، حتى دخل بحر طبرستان، ثم استولى جنكزخان على البلاد، ثم كان من خوارزم شاه ومن جنكزخان ما سنذكره إن شاء الله تعالى.