ذكر توجه الملك المظفر محمود ابن صاحب حماة إلى مصر وموت والدته في هذه السنة حلف الملك المنصور، صاحب حماة، الناس، لولده الملك المظفر محمود، وجعله ولي عهده، وجرد معه عسكراً، والطواشي مرشد المنصوري، نجدة إلى الملك الكامل بديار مصر، فسار إليه، ولما وصل إلى الملك الكامل أكرمه وأنزله في ميمنة عسكره، وهي منزلة أبيه وجده في الأيام الناصرية الصلاحية. وبعد توجه الملك المظفر ماتت والدته ملكة خاتون، بنت الملك العادل، قال القاضي جمال الدين، مؤلف مفرج الكروب: وحضرت العزاء وعمري اثنتا عشرة سنة، ورأيت الملك المنصور وهو لابس الحداد على زوجته المذكورة، وهو ثوب أزرق وعمامة زرقاء، وأنشدته الشعراء المراثي، فمن ذلك قصيدة قالها حسام الدين خشترين، وهو جندي كردي، مطلعها.
الطرف في لجة، والقلب في سعر ... له دخان زفير طار بالشرر
ومنها في لبس الملك المنصور الحداد عليها:
ما كنت أعلم أن الشمس قد غربت ... حتى رأيت الدجى ملقى على القمر
لو كان من مات يفدى قبلها لفدى ... أم المظفر آلاف من البشر
ذكر وفاة كيكاؤوس وملك أخيه كيقباذ في هذه السنة توفي الملك الغالب عز الدين كيكاؤوس بن كيخسرو بن قليج أرسلان بن مسعود ابن قليج أرسلان صاحب بلاد الروم، وقد تقدم ذكر ولايته في سنة سبع وستمائة، وكان قد تعلق به مرض السل، واشتد مرضه ومات. فملك بعده أخوه كيقباذ بن كيخسرو، وكان كيقباذ محبوساً، قد حبسه أخوه كيكاؤوس، فأخرجه لجند وملكوه.
ذكر غير ذلك وفي هذه السنة توفي أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري، الضرير النحوي الحاسب اللغوي، وكان حنبلياً، صحب ابن الخشاب النحوي وغيره. وفيها توفي أبو الحسن علي بن القاسم بن علي بن الحسن الدمشقي، الحافظ بن الحافظ بن الحافظ، المعروف بابن عساكر، وكان قد قصد خراسان وسمع بها الحديث، فأكثر وعاد إلى بغداد، وكان قد وقع على القفل الذي هو فيه، في الطريق، حرامية، وجرحوا ابن عساكر المذكور، ووصل على تلك الحال إلى بغداد، وبقي بها حتى توفي في هذه السنة في جمادى الأولى، رحمه الله.
ثم دخلت سنة سبع عشرة وستمائة والفرنج متملكون على دمياط،