للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدة ملوك كبار، نحو عشرين ملكاً، فاختلفت الآراء بين يدي السلطان الملك الكامل في أمرهم، فبعضهم قال: لا نعطيهم أماناً، ونأخذهم ونتسلم بهم ما بقي بأيديهم من الساحل، مثل عكا وغيرها، ثم اتفقت آراؤهم على إجابتهم إلى الأمان، لطول مدة البيكار، وتضجر العساكر لأنهم كان لهم ثلاث سنين وشهور في القتال معهم، فأجابهم الملك الكامل إلى ذلك، وطلب الفرنج رهينة من الملك الكامل، فبعث ابنه الملك الصالح أيوب، وعمره يومئذ خمس عشرة سنة إلى الفرنج رهينة، وحضر من الفرنج رهينة على ذلك ملك عكا، ونائب البابا صاحب رومية الكبرى، وكندريس، وغيرهم من الملوك، وكان ذلك سابع رجب من هذه السنة.

واستحضر الملك الكامل ملوك الفرنج المذكورين، وجلس لهم مجلساً عظيماً، ووقف بين يديه الملوك من إخوته وأهل بيته جميعهم، وسلمت دمياط إلى المسلمين تاسع عشر رجب من هذه السنة، وقد حصنها الفرنج إلى غاية ما يكون، وولاها السلطان الملك الكامل، الأمير شجاع الدين جلدك التقوي، وهو من مماليك الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب، وهنت الشعراء الملك الكامل بهذا الفتح العظيم، ثم سار السلطان الملك الكامل ودخل دمياط ومعه إخوته وأهل بيته، وكان يوماً مشهوداً، ثم توجه إلى القاهرة وأذن للملوك في الرجوع إلى بلادهم، فتوجه الملك الأشرف إلى الشرق، وانتزع الرقة من محمود، وقيل اسمه عمر بن قطب الدين محمد بن عماد الدين زنكي بن مودود بن عماد الدين زنكي بن أقسنقر، ولقي بغيه على أخيه، فإنا ذكرنا كيف وثب على أخيه وقتله وأخذ سنجار، ثم أقام الملك الأشرف بالرقة، وورد إليه، الملك الناصر صاحب حماة فأقام عنده مدة، ثم عاد إلى بلده.

ذكر وفاة صاحب آمد وفي هذه السنة توفي الملك الصالح ناصر الدين محمود بن محمد بن قرا أرسلان بن داود بن سقمان بن أرتق صاحب آمد وحصن كيفا بالقولنج، وقام في الملك بعده ولده الملك المسعود، وهو الذي انتزع منه الملك الكامل آمد، وكان الملك الصالح المذكور قبيح السيرة، وقد أورد ابن الأثير وفاته في سنة تسع عشرة.

ذكر غير ذلك من الحوادث في هذه السنة في جمادى الآخرة، خنق قتادة بن إرديس العلوي الحسني أمير مكة وعمره نحو تسعين سنة، وكانت ولايته قد اتسعت إلى نواحي اليمن، وكان حسن السيرة في مبتدأ أمره، ثم أساء السيرة وجدد المظالم والمكوس، وصورة ما جرى له أن قتادة كان مريضاً، فأرسل عسكراً مع أخيه ومع ابنه الحسن بن قتادة للاستيلاء على مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذها من صاحبها، فوثب الحسن بن قتادة في أثناء الطريق

<<  <  ج: ص:  >  >>