للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القراوي سنة ثلاثين وخمسمائة، وتوفي عبد الغافر في سنة تسع وعشرين وخمسمائة، وكانت ولادة رضي الدين المؤيد المذكور في سنة أربع وعشرين وخمسمائة، ظناً.

ثم دخلت سنة ثمان عشرة وستمائة: ذكر عود دمياط إلى المسلمين وفي هذه السنة قوي طمع الفرنج المتملكين دمياط في ملك الديار المصرية، وتقدموا عن دمياط إلى جهة مصر، ووصلوا إلى المنصورة، واشتد القتال بين الفريقين براً وبحراً، وكتب السلطان الملك الكامل متواترة إلى إخوته وأهل بيته يستحثهم على إنجاده، فسار الملك المعظم عيسى ابن الملك العادل صاحب دمشق إلى أخيه الملك الأشرف، وهو ببلاده الشرقية، واستنجده وطلب منه المسير إلى أخيهما الملك الكامل، فجمع الملك الأشرف عساكره واستصحب عسكر حلب، وكذلك استصحب معه الملك الناصر قليج أرسلان ابن الملك المنصور صاحب حماة، وكان الملك الناصر خائفاً من السلطان، الملك الكامل، أن ينتزع حماة منه ويسلمها إلى أخيه الملك المظفر، فحلف الملك الأشرف للملك الناصر صاحب حماة أنه ما يمكن أخاه السلطان الملك الكامل من التعرض إليه، فسار معه بعسكر حماة، وكذلك سار صحبة الملك الأشرف كل من صاحب بعلبك الملك الأمجد، بهرام شاه بن فرخشاه بن شاهنشاه ابن أيوب، وصاحب حمص الملك المجاهد شيركوه بن محمد بن شيركوه بن شاذي، وسار الملك المعظم عيسى بعسكر دمشق، ووصلوا إلى الملك الكامل وهو في قتال الفرنج على المنصورة، فركب والتقى أخويه ومن في صحبتهما من الملوك، وأكرمهم، وقويت نفوس المسلمين، وضعفت نفس الفرنج بما شاهدوه من كثرة عساكر الإسلام وتحملهم، واشتد القتال بين الفريقين، ورسل الملك كامل وأخويه مترددة إلى الفرنج في الصلح، وبذل المسلمون لهم تسليم القدس وعسقلان وطبرية واللاذقية وجبلة، وجميع ما فتحه السلطان صلاح الدين من الساحل، مما عدا الكرك والشوبك، على أن يجيبوا إلى الصلح ويسلموا دمياط إلى المسلمين، فلم يرض الفرنج بذلك، وطلبوا ثلاثمائة ألف دينار، عوضاً عن تخريب أسوار القدس، فإن الملك المعظم عيسى خربها كما تقدم ذكره، وقالوا لا بد من تسليم الكرك والشوبك.

وبينما الأمر متردد في الصلح، والفرنج ممتنعون من الصلح، إذ عبر جماعة من عسكر المسلمين في بحر المحلة، إلى الأرض التي عليها الفرنج من بر دمياط، ففجروا فجرة عظيمة من النيل، وكان ذلك في قوة زيادته، والفرنج لا خبرة لهم بأمر النيل، فركب الماء تلك الأرض وصار حائلاً بين الفرنج وبين دمياط، وانقطع عنهم الميرة والمدد، فهلكوا جوعاً، وبعثوا يطلبون الأمان، على أن ينزلوا عن جميع ما بذله المسلمون لهم ويسلموا دمياط ويعقدوا مدة للصلح، وكان فيهم

<<  <  ج: ص:  >  >>