للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين وهو ابن سبع أو ثمان سنين، وقتل بين يدي جنكزخان صبراً. ولما عاد جلال الدين إلى حافة ماء السند كسيراً، رأى والدته وأم ولده وجماعة من حرمه يصحن بالله عليك اقتلنا أو خلصنا من الأسر، فأمر بهن فغرقن، وهذه من عجايب البلايا ونوادر المصائب والرزايا.

ثم اقتحم جلال الدين وعسكره ذلك النهر العظيم، فنجا منهم إلى ذلك البر تقدير أربعة آلاف رجل حفاة عراة، ورمى الموج جلال الدين مع ثلاثة عن خواصه إلى موضع بعيد، وفقده أصحابه ثلاثة أيام، وبقي أصحابه لفقده حائرين، وفي تيه الفكر، سائرين إلى أن اتصل بهم جلال الدين فاعتدوا بمقدمه عيداً، وظنوا أنهم انشواً خلفاً جديداً، ثم جرى بين جلال الدين وبين أهل تلك البلاد وقائع انتصر فيها جلال الدين، ووصل إلى لهاوور من الهند، ولما عزم جلال الدين على العود إلى جهة العراق، استناب بهلوان أزبك على ما كان يملكه من بلاد الهند، واستناب معه حسن قراق، ولقبه وفاء ملك، وفي سنة سبع وعشرين وستمائة، طرد وفاء ملك بهلوان أزبك، واستولى وفاء ملك على ما كان يليه البهلوان من بلاد الهند.

ثم إن جلال الدين عاد من الهند ووصل إلى كرمان في سنة إحدى وعشرين وستمائة، وقاسى هو وعسكره في البراري القاطعة بين كرمان والهند شدائد، ووصل معه أربعة آلاف رجل، بعضهم ركاب أبقار وبعضهم ركاب حمير، ثم سار جلال الدين إلى خورستان واستولى عليها، ثم استولى على أذربيجان، ثم استولى على كنجة وسائر بلاد آران، ثم إن جلال الدين نقل أباه من الجزيرة إلى قلعة أزدهن ودفنه بها، ولما استولى التتر على القلعة المذكورة نبشوه وأحرقوه، وهذا كان فملهم في، كل ملك عرفوا قبره، فإنهم نبشوا محمود بن سبكتكين من غزنة وأحرقوا عظامه، ثم ذكر ما تقدمت الإشارة إليه من استيلاء جلال الدين على خلاط وغير ذلك، ثم ذكر له على جسر قريب آمد وإرساله يستنجد الملك الأشرف ابن الملك العادل فلم ينجده، وعزم جلال الدين على المسير إلى أصفهان، ثم انثنى عزمه عنه وبات بمنزله، وشرب تلك الليلة فسكر سكراً خماره دوار الرأس، وتقطع الأنفاس، وأحاط التتر به وبعسكره مصبحين.

فساهم وبسطهم حرير ... وصبحهم وبسطهم تراب

ومن في كفه منهم قناة ... كمن في كفه منهم خضاب

وأحاطت أطلاب التتر بخركاة جلال الدين وهو نائم سكران، فحمل بعض عسكره وهو أرخان، وكشف التتر عن الخركاة، ودخل بعض الخواص وأخذ بيد جلال الدين وأخرجه وعليه طاقية بيضاء، فأركبه الفرس وساق أرخان مع جلال الدين وتبعه التتر، فقال جلال الدين لأرخان انفرد عني بحيث تشتغل التتر يتبع سوادك، وكان ذلك خطأ منه، فإن أرخان تبعه جماعة من العسكر وصاروا تقدير أربعة آلاف فارس، وقصد أصفهان واستولى عليها مدة، ولما

<<  <  ج: ص:  >  >>