للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المذكورة بختومها، ثم إن التتر أدركوا السلطان محمد المذكور، فهرب وركب في المركب ولحقه التتر ورموه بالنشاب، ونجا السلطان منهم، وقد حصل له مرض ذات الجنب، قال: ووصل إلى جزيرة في البحر وأقام بها فريداً طريداً، لا يملك طارفاً ولا تليداً، والمرض يزداد، وكان في أهل مازدران أناس يتقربون إليه بالمأكول وما يشتهيه، فقال في بعض الأيام: أشتهي أن يكون عندي فرس يرعى حول خيمتي، وقد ضربت له خيمة صغيرة، فأهدي إليه فرس أصفر، وكان للسلطان محمد المذكور ثلاثون ألف جشار من الخيل، وكان إذا أهدى إليه أحد شيئاً وهو على تلك الحالة في الجزيرة من مأكول وغيره، يطلق لذلك الشخص شيئاً، ولم يكن عنده من يكتب التواقيع، فيتولى ذلك الرجل كتابة توقيعه بنفسه، وكان يعطي مثل السكين والمنديل علامة بإطلاق البلاد والأموال، فلما تولى ابنه جلال الدين، أمضى جميع ما أطلقه والده بالتواقيع والعلائم، ثم أدركت السلطان محمد المنية وهو بالجزيرة على تلك الحالة، فغسله شمس الدين محمود بن بلاغ الجاويش، ومقرب الدين، مقدم الفراشين، ولم يكن عنده ما يكفن به فكفن بقميصه ودفن بالجزيرة في سنة سبع عشرة وستمائة، بعد أن كان بابه، مزدحم ملوك الأرض وعظمائها يشتدون بجنابه، ويتفاخرون بلثم ترابه. ورقى إلى درجة الملوكية جماعة من مماليكه وحاشيته، فصار طشتداره، وركبداره وسلحداره، وجنداره، وغيرهم من أرباب الوظائف، كلهم ملوكاً، وكان في أعلامهم علامات سود يعرفون بها، فعلامة الدوادار الدواه، والسلحدار القوس، وعلامة الطشتدار المسينة، والحمدار النفجة، وعلامة أميراخور النعل، وعلامة الجاويشية قبة ذهب، وكان يمد السماط بين يديه، ويأكل الناس، ويرفع من الطعام الذي في صدر السماط إلى بين يدي الأكابر إذا قعدوا على السماط للأكل، وكانت الزبادي كلها ذهبية وفضية، وكان السلطان محمد المذكور يختص بأمور لا يشاركه فيها أحد منها. المجتر منشوراً على رأسه إذا ركب، ومنها اللكح، وهي أنبوبة تتخذ من الذهب الأحمر بين أذني مركوب السلطان، يخرج منها المعرفة، وتشد إلى طرف اللجام، ومنها الأعلام السود والسروج السود، والنفج السود، محمولة على أكتاف الجمدارية، ولا تحمل لغيره على الكتف، ومنها ن جنايبه كانت تجر قدامه، وجنايب غيره من الملوك كانت تجر وراءهم، ومنها أن أذناب خيله تلف من أوساطها مقدار شبرين، ومنها الجلوس بين يديه على الركبتين لمن يريد مخاطبته. قال المؤلف المذكور: ثم سار جلال الدين بعد موت أبيه السلطان محمد من الجزيرة إلى خوارزم، ثم هرب من التتر ولحق بغزنة وجرى بينه وبين التتر من القتال ما تقدم ذكره.

وسار إليه جنكزخان فهرب جلال الدين من غزنة إلى الهند فلحقه جنكزخان على ماء السند، وتصاففا صبيحة يوم الأربعاء لثمان خلون من شوال، سنة ثمان عشرة وستمائة، وكانت الكرة أولاً على جنكزخان، ثم عادت على جلال الدين وحال بينهما الليل وولى جلال الدين منهزماً وأسر ولد جلال

<<  <  ج: ص:  >  >>