دمشق، مصاف، بين جينين ونابلس، انتصر فيه الملك الجواد يونس، وانهزم الملك الناصر داود هزيمة قبيحة، وقوى الملك الجواد بسبب هذه الوقعة وتمكن من دمشق، ونهب عسكر الملك الناس وأثقاله.
وفي أواخر هذه السنة ولد والدي الملك الأفضل نور الدين علي ابن الملك المظفر صاحب حماة.
ثم دخلت سنة ست وثلاثين وستمائة.
في هذه السنة رحل عسكر حلب المحاصرة لحماة بعد مولد الملك الأفضل، وكان قد طالت مدة حصارهم لحماة، وضجروا فتقدمت إليهم ضيفة خاتون صاحبة حلب بنت الملك العادل بالرحيل عنها، فرحلوا، وضاق الأمر على الملك المظفر في هذا الحصار، وأنفق فيه أموالاً كثيرة، واستمرت المعرة في يد الحلبيين، وسلمية في يد صاحب حمص، ولم يبق بيد الملك المظفر غير حماة وبعرين، ولما جرى ذلك خاف الملك المظفر أن تخرج بعرين بسبب قلعتها، فتقدم بهدمها، فهدمت إلى الأرض في هذه السنة.
ذكر استيلاء الملك الصالح أيوب على دمشق وفي هذه السنة في جمادى الآخرة، استولى الملك الصالح أيوب ابن السلطان لملك الكامل على دمشق وأعمالها، بتسليم الملك الجواد يونس، وأخذ العوض كنها سنجار والرقة وعانة، وكان سبب ذلك أن الملك العادل ابن الملك الكامل صاحب مصر، لما علم باستيلاء الملك الجواد على دمشق، أرسل إليه عماد الدين ابن الشيخ لينتزع دمشق منه، وأن يعوض عنها إقطاعاً بمصر، فمال الجواد يونس إلى تسليمها إلى الملك الصالح حسبما ذكرناه، وجهز على عماد الدين ابن الشيخ من وقف له بقصة، فلما أخذها عماد الدين منه ضربه ذلك الرجل بسكين فقتله، ولما وصل الملك الصالح أيوب إلى دمشق، وصل معه الملك المظفر صاحب حماة معاضداً له، وكان قد لاقاه إلى أثناء الطريق، واستقر الملك الصالح أيوب المذكور في ملك دمشق، وسار الجواد يونس إلى البلاد الشرقية المذكورة، فتسلمها، ولما استقر ملك الملك الصالح بدمشق، وردت عليه كتب المصريين يستدعونه إلى مصر ليملكها، وسأله الملك المظفر صاحب حماة في منازلة حمص وأخذها من شيركوه، فبرز إلى الثنية، وكان قد نازلت الخوارزمية وصاحب حماة، حمص، فأرسل شيركوه مالاً كثيراً وفرقه في الخوارزمية، فرحلوا عنه إلى البلاد الشرقية، ورحل صاحب حماة إلى حماة، ثم كر الملك الصالح عائداً إلى دمشق، طالباً مصر، وسار من دمشق إلى خربة اللصوص، وعيد بها عيد رمضان، ووصل إليه بعض عساكر مصر مقفزين، ولما خرج الملك الصالح من دمشق، جعل نائبه فيها ولده الملك المغيث فتح الدين عمر ابن الملك الصالح، وشرع الملك الصالح يكاتب عمه الصالح إسماعيل صاحب بعلبك، ويستدعيه إليه، وعمه إسماعيل المذكور، يتحجج ويعتذر عن الحضور،