للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويظهر له أنه معه، وهو يعمل في الباطن على ملك دمشق وأخذها من الصالح أيوب، وكان قد سافر الملك الناصر صاحب الكرك إلى مصر واتفق مع الملك العادل أبي بكر ابن الملك الكامل على قتال الملك الصالح أيوب.

ووصل أيضاً في هذه السنة محي الدين ابن الجوزي رسولاً من الخليفة ليصلح بين الأخوين العادل صاحب مصر، والصالح أيوب المستولي على دمشق، وهذا محي الدين هو الذي حضر ليصلح بين الكامل والأشرف، فاتفق أنه مات في حضوره في سنة أربع وثلاثين وخمس وثلاثين أربعة من السلاطين العظماء، وهم الملك الكامل صاحب مصر، وأخوه الأشرف صاحب دمشق، والعزيز صاحب حلب، وكيقباذ صاحب بلاد الروم. فقال في ذلك ابن المسجف أحد شعراء دمشق:

يا إمام الهدى أبا جعفر المن ... صور يا من له الفخار الأثيل

ما جرى من رسولك الآن محي الدين ... في هذه البلاد قليل

جاء والأرض بالسلاطين تزهى ... وغدا والديار منهم طلول

أقفر الروم والشآم ومصر ... أفهذا مغسل أم رسول

ثم دخلت سنة سبع وثلاثين وستمائة في هذه السنة في صفر سار الملك الصالح إسماعيل صاحب بعلبك، ومعه شيركوه صاحب حمص، بجموعهما، وهجموا دمشق، وحصروا القلعة، وتسلمها الصالح إسماعيل، وقبض على المغيث فتح الدين عمر ابن الملك الصالح أيوب. وكان الملك الصالح أيوب بنابلس لقصد الاستيلاء على ديار مصر، وكان قد بلغه سعي عمه إسماعيل في الباطن. وكان للصالح أيوب طبيب يثق به يقال له الحكيم سعد الدين الدمشقي، فأرسله الصالح أيوب إلى بعلبك، ومعه قفص من حمام نابلس: ليطلعه بأخبار الصلح صاحب بعلبك وحال وصول الحكيم المذكور، علم به صاحب بعلبك، فاستحضره وأكرمه وسرق الحمام التي لنابلس، وجعل موضعها حمام بعلبك، ولم يشعر الطبيب المذكور بذلك، فصار الطبيب المذكور يكتب أن عمك إسماعيل قد جمع، وهو في نية قصد دمشق، ويطبق فيقعد الطير ببعلبك، فيأخذ الصالح إسماعيل البطاقة ويزور على الحكيم، أن عمك إسماعيل قد جمع ليعاضدك، وهو واصل إليك ويسرجه على حمام نابلس، فيعتمد الصالح أيوب على بطاقة الحكيم ويترك ما يرد إليه من غيره من الأخبار.

واتفق أيضاً أن الملك المظفر صاحب حماة، علم بسعي الصالح إسماعيل صاحب بعلبك في أخذ دمشق، مع خلوها ممن يحفظها، فجهز نائبه سيف الدين علي بن أبي علي، ومعه جماعة من عسكر حماة وغيرهم، وجهز معه من السلاح والمال شيئاً كثيراً، ليصل إلى دمشق ويحفظها لصاحبها، وأظهر الملك المظفر وابن أبي علي أنهما قد اختصما، وأن ابن أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>