طيدمر، وكان العسكر مائتين فارس من نقاوة عسكر مصر، فجمع حميضة ما يقارب اثني عشر ألف مقاتل، وتعبى العسكر المصري، وكان رميثة في القلب، وابن قرمان ميمنة، وطيدمر ميسرة، والتقوا واقتتلوا في عيد الفطر من هذه السنة، وراء مكة إلى جهة اليمن بمراحل، ورمى العسكر بالنشاب، فولى جماعة حميضة منهزمين لا يلوون، وكان لحميضة حصن إلى جهة اليمن، فهرب إليه وانحصر به، فأحاط به العسكر وحاصروه، فنزل حميضة برقبته مع ثلاثة أو أربعة أنفس، وهرب خفية، واحتاط العسكر على ماله وحريمه، وغنموا من ذلك شيئاً كثيراً، قيل إنه حصل للفارس من عسكر مصر ما يقارب عشرة آلاف درهم، وكان في الغنيمة من العنبر الخام وأمثاله ما يفوق الحصر، فأطلق السلطان ذلك جميعه للعسكر، واستقر رميثة صاحب مكة.
وفيها أفرج السلطان عن جمال الدين أقوش الذي كان نائباً بالكرك، ثم صار نائباً بدمشق، وأحسن إليه وعلى منزلته.
وفيها وصل قراسنقر إلى بغداد في رمضان هذه السنة، وتقدم مرسوم إلى التتر الذين ببغداد وديار بكر وتلك الأطراف، بالركوب مع قراسنقر إذا قصد الإغارة على بلاد الشام، وكان خربندا مقيماً بجهة موغان، وأقام قراسنقر وقدم عليه بها فدوى، وسلم قراسنقر، ولما دخلت سنة ست عشرة، توجه قراسنقر في مستهل المحرم من بغداد إلى جهة خربندا.
وفيها في ذي القعدة، ولد للسلطان ولد ذكر، ودقت البشائر لمولده في ديار مصر والشام، ثم توفي المولود المذكور بعد مدة يسيرة، وجهزت تقدمة لطيفة بسبب المولود المذكور صحبة طيدمر، فقدمها وحصل قبولها.
وفيها في جمادى الأولى وصل إلي من صدقات السلطان، حصان برقي أحمر بسرجه، ولجامه، صحبة عز الدين أيبك أمير اخور، فأعطيته خلعة طرد، وحشن بكلوته زركش، وفرساً بسرجه ولجامه، وخمسة آلاف درهم.
وفيها في أواخر ذي القعدة أغار سليمان بن مهنا بن عيسى، بجماعة من التتر والعرب على التراكمين والعرب النازلين قريب تدمر، ونهبهم وأخذ لهم أغناماً كثيرة، ووصل في إغارته إلى قرب البيضا بين القريتين، وتدمر، وعاد بما غنمه إلى الشرق.
وفي هذه السنة، أعني سنة خمس عشرة وسبعمائة توفي نجاد بن أحمد بن حجي بن بزيد بن شبل أمير آل مرا، وكانت وفاته في أواخر هذه السنة، واستقر بعده في أمر آل مرا، ثابت بن عساف بن أحمد بن حجي المذكور، وبقي ثابت المذكور، وتوبة بن سليمان بن أحمد، يتنازعان في الأمرة.
وفيها توفي بدمشق ابن الأركشي الذي كان نائباً بالرحبة لما حصرها خربندا، وكان قد عزل في تلك السنة، وأعطي أمرة بدمشق، وتولى الرحبة مكانه بكتوت القرماني، ثم عزل وولي على الرحبة بعده طغر بك الأنصاري.