للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصري قرابة، فلحقه شؤمه، ولفحه سمومه، وسافر من حلب خائفاً من نائب الشام، فلما وصل دمشق، رسم عليه مدة وعزل عن مدارسه وجهاته، ثم فك الترسيم عنه، وبعد موت تنكز عادت إليه جهاته، وحسنت حاله ولله الحمد.

وفيها في رجب ورد الخبر بوفاة القاضي شهاب الدين محمد ابن المجد عبد الله، قاضي القضاة الشافعي بدمشق، صدمت بغلته به حائطاً فمات بعد أيام، وخلق الناس موضع الصدمة من ذلك الحائط بالخوق ومن لطف الله به أن السلطان عزله بمصر يوم موته بدمشق، وعزل القاضي جلال الدين محمد القزوبني عن قضاء الشافعية بمصر، ونقله إلى القضاء بالشام، موضع ابن المجد، ورسم بمصادرة ابن المجد، فلما مات صودر أهله، وكان ابن المجد فيه خير وشر، ودهاء، ومروءة قلت:

لا ييأسن مخلط ... من رحمة الله العفو

دليل هذا قوله ... وآخرون اعترفوا

وولي بعد جلال الدين قضاء الديار المصرية، قاضي القضاة عز الدين عبد العزيز ابن قاضي القضاة بدر الدين محمد بن جماعة، وأحسن السيرة، وعزل القاضي برهان الدين بن عبد الحق أيضاً عن قضاء الحنفية بالديار المصرية، وولى مكانه القاضي حسام الدين الغوري قاضي القضاة ببغداد، كان الوافد إلى مصر عقيب الفتن الكائنة بالمشرق، لموت أبي سعيد.

وفيها في رجب أيضاً باشر القاضي بهاء الدين حسن ابن القاضي جمال الدين سليمان بن ريان، مكان والده، نظر الجيوش بحلب، في حياة والده وبسعيه له. وفيها في رجب مات بحلب فاضل الحنفية بها الشيخ شهاب الدين أحمد بن البرهان إبراهيم بن داود ولي قضاء عزاز، ثم نيابة القضاء بحلب مدة، ثم انقطع إلى العلم، وله مصنفات، وولى ابنه داود جهاته.

وفيها في رمضان، توفي القاضي محي الدين يحيى بن فضل الله، كاتب السر بمصر، وقد ناف على التسعين، وله نظم ونثر.

وفيها أخرج الخليفة، أبو الربيع سليمان المستكفي بالله من مكانه بمصر عنفاً إلى قوص، وقلت في ذلك مضمناً من القصيدة المشهورة لأبي العلاء بيتاً، وبعض بيت:

أخرجوكم إلى الصعيد لعذر ... غير مجد في ملتي واعتقادي

لا يغيركم الصعيد وكونوا ... فيه مثل السيوف في الأغماد

وفيها في رمضان أيضاً، ورد الخبر إلى حلب بوفاة العلامة زين الدين محمد ابن أخي الشيخ صدر الدين ابن الوكيل، المعروف بابن المرحل، من أكابر الفقهاء المفتين المدرسين الأعيان المتأهلين للقضاء بدمشق.

أدينة تندب أم سمته ... أم عقله الوافر أم عمله

فاق على الأقران في جده ... فمن رآه خاله عمه

<<  <  ج: ص:  >  >>