الله تعالى في ذي القعدة، سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، قال: رأيت الشيخ محي الدين النوري بعد موته في المنام، فقلت له أما تختار في صوم الدهر؟ فقال: فيه اثنا عشر قولاً للعلماء، فظهر لشيخنا أن الأمر كما قال، وإن لم تكن الأقوال مجموعة في كتاب واحد، وذلك أن في صوم الدهر في حق من لم ينذر، ولم يتضرر به أربعة أقوال: الاستحباب، وهو اختيار الغزالي وأكثر الأصحاب. والكراهة، وهو اختيار البغوي صاحب التهذيب والإباحة، وهو ظاهر نص الشافعي، لأنه قال: لا بأس به. والتحريم، وهو اختيار أهل الظاهر، حملاً لقوله صلى الله عليه وسلم فيمن صام الدهر لا صام ولا أفطر، على أنه دعاء عليه.
وفي حق من نذر ولم يتضرر به خمسة أقوال: الوجوب، وهو اختيار أكثر الأصحاب. والاستحباب، والإباحة، والكراهة، والتحريم.
وفي حق من يتضرر بأن تفوته السنن أو الاجتماع بالأهل ثلاثة أقوال: التحريم، والكراهة والإباحة، ولا يجيء الوجوب ولا الاستحباب، فهذه اثنا عشر قولاً في صوم الدهر، وهذا المنام من كرامات الشيخ محي الدين، والقاضي شرف الدين، رضي الله عنهما، والله أعلم.
وأخبرني حين أجازني، أنه أخذ الفقه من طريق العراقيين، عن والده وجده أبي الطاهر إبراهيم، وهو عن القاضي عبد الله بن إبراهيم الحموي، عن القاضي أبي سعد ابن أبي عصرون الموصلي، عن القاضي أبي علي الفارقي، عن الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، عن القاضي أبي الطيب الطبري، عن أبي الحسن الماسرجسي، عن أبي الحسن المروزي.
ومن طريق الخراسانيين، عن جده المذكور، عن الشيخ فخر الدين عبد الرحمن بن عساكر الدمشقي، عن الشيخ مطب الدين مسعود النيسابوري، عن عمر بن سهل الدامغاني، عن حجة الإسلام أبي حامد الغزالي، عن إمام الحرمين أبي المعالي الجويني، عن والده أبي محمد الجويني، عن الإمام أبي بكر القفال المروزى، عن أبي إسحاق المروزي المذكور، عن القاضي أبي العباس بن شريح، عن أبي القاسم الأنماطي، عن أبي إسماعيل المزني والربيع المرادي، كلاهما عن الإمام الأعظم أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، وهو أخذ عن إمام حرم الله مسلم بن خالد المزني، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، رضي الله عنهم، وعن إمام حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك، عن نافع، عن ابن عمر وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم، عن نبينا سيد المرسلين، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أفضل صلواته، عدد معلوماته، وله نظم قليل، فمنه ما كتب به إلى صاحب حماة يدعوه إلى وليمة:
طعام العرس مندوب إليه ... وبعض الناس صرح بالوجوب
فجبراً بالتناول منه جرياً ... على المعهود في جبر القلوب