الرأس في أحد الوضوءات، فتوضأ خمس وضوءات، وصلى الخمس، ثم تيقن أيضاً أنه ترك مسح الرأس في أحد الوضوءات الجواب: يتوضأ ويصلي العشاء، فيخرج عن العهدة بيقين، لأن الصلاة المتروكة المسح أولاً، إن كانت العشاء، فقد صحت الصلوات الأربع قبلها، وهذه العشاء المأمور بفعلها خاتمة الخمس، وإن كانت غير العشاء، فالعشاء الأولى والصلوات الخمس المعادة، والعشاء الثالثة صحيحة، غايته ترك مسح في تجديد وضوء ولهذا يجب أن يشترط عدم الحدث إلى أن يصلي الخمس. ثانياً قلت: التحقيق أن الوضوء ثانياً كان يغنيه عنه مسح الرأس وغسل الرجلين، لأن الشرط أنه لم يحدث إلى أن يصلي الخمس ثانياً، وكذلك كان ينبغي للمجيب أن يقول له: إن كنت لم تحدث إلى الآن، فامسح رأسك واغسل رجليك وصل العشاء، إذ الجديد عدم وجوب التتابع، وإن كنت محدثاً الآن، فلا بد من الوضوء كما قال.
وفيها استرجع السلطان الملك الصالح ما باعه الملك المؤيد وابنه الأفضل بحماه والمعرة وبلادهما، من أملاك بيت المال، وهو بأموال عظيمة، وكان غالب الملك، قد طرح على الناس غصباً، وقد اشتريت به تقادم إلى الملك الناصر، فقال بعض المعربين في ذلك:
طرحوا علينا الملك طرح مصادر ... ثم استردوه بلا أثمان
وإذا يد السلطان طالت واعتدت ... فيد الإله على يد السلطان
وكأنما كاشف هذا القائل، فإن مدة السلطان لم تطل بعد ذلك.
ثم دخلت سنة ست وأربعين وسبعمائة.
والتتار مختلفون مقتتلون من حين مات القان أبو سعيد، وبلاد الشرق والعجم في غلاء ونهب، وجور، بسبب الخلف، من حين وفاته إلى هذه السنة.
وفيها في ربيع الآخر، توفي السلطان الملك الصالح إسماعيل ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون، بوجع المفاصل والقولنج، وكان فيه ديانة، ويقرأ القرآن، آخر يوم موته، جلس مكانه أخوه السلطان الملك الكامل شعبان، وأخرج آل ملك نائب أخيه إلى نيابة صفد، وقماري إلى نيابة طرابلس.
وفيها في ربيع الآخر، نقل يلبغا الناصري من نيابة. حلب إلى نيابة دمشق، مكان طقزتمر وسافر طقزتمر إلى مصر بعد المبالغة في امتناعه من النقلة من الدمشق، فما أجيب إلى ذلك، وتوفي طقزتمر بمصر بعد مدة يسيرة، وكان عنده ديانة.
وفيه وصل الأمير سيف الدين أرقطاي إلى حلب، نائباً. وأبطل الخمور والفجور بعد اشتهارها، ورفع عن القرى الطرح وكثيراً من المظالم، ورخص السعر، وسررنا به.
وفيها عزل سيف بن فضل بن عيسى عن إمارة العرب، ووليها أحمد بن مهنا، وأعيد إقطاع فياض بن مهنا إليه ورضي عنه، واستعيد من أيدي العرب من الإقطاعات والملك شيء كثير، وجعل خاصاً لبيت المال. وفيها في جمادى الأولى