للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي كان نائب طرابلس، ثم صار الغالب على الأمر بمصر أرغون العلائي، والكتمر، الحجازي، وتتمش عبد الغني، أمير مائة، مقدم ألف، وشجاع الدين غرلو، وهو أظلمهم، ونجم الدين محمود بن شروين وزير بغداد، ثم وزير مصر، وهو أجودهم وأكثرهم براً ومعروفاً، حكى لنا أن النور شوهد على قبره بغزة، وكان المظفر قد رسم لعبد أسود صورة أن يأخذ على كل رأس غنم تباع بحلب وحماة ودمشق نصف درهم، فيوم وصول الأسود إلى حلب، وصل الخبر بقتل السلطان، فسر الناس بخيبة الأسود.

وفيها في شوال طلب السلطان فخر الدين أياز نائب حلب، إلى مصر، وخافت الأمراء أن يهرب، فركبوا من أول الليل وأحاطوا به، فخرج من دار العدل وسلم نفسه إليهم، فأودعوه القلعة، ثم حمل إلى مصر، فحبس، وهو أحد الساعين في نكبة يلبغا، وأيضاً فإنه من الجركس، وهو أضداد الجنس التتار بمصر، وكان المظفر قد مال عن جنس التتار إلى الجركس ونحوهم، فكان ذلك أحد ذنوبه عندهم، فانظر إلى هذه الدول القصار، التي ما سمع بمثلها في الإعصار قلت:

هذي أمور عظام ... من بعضها القلب ذائب

ما حال قطر يليه ... في كل شهرين نائب

وفيها في ذي الحجة، وصل إلى حلب الحاج أرقطاي، نائباً، بعد أن خطبوه إلى السلطنة. والجلوس على الكرسي بمصر، فأبى، وخطبوا قبله إلى ذلك الخليفة الحاكم بأمر الله، فامتنع، كل هذا خوفاً من القتل، فلما جلس الملك الناصر حسن على الكرسي، طلب الحاج أرقطاي منه نيابة حلب فأجيب، وأعفى الناس من زينة الأسواق بحلب، لأنها تكررت حتى سمجت قلت:

كم ملك جاءوكم نائب ... يا زينة الأسواق حتى متى

قد كرروا الزينة حتى اللحى ... ما بقيت تلحق أن تنبتا

وفيه بلغنا أن السلطان أبا الحسن المريني صاحب المغرب، انتقل من المغرب الجواني من فاس، إلى مدينة تونس، وهي أقرب إلينا من فاس بثلاثة أشهر، وذلك بعد موت ملكها أبي بكر من الحفصيين بالفالج، وبعد أن أجلس أبو الحسن ابنه على الكرسي بالغرب الجواني، وقد أوجس المصريون من ذلك خيفة، فإن بعض الأمراء المصريين الأذكياء، أخبرني أن الملك الناصر محمداً كان يقول: رأيت في بعض الملاحم أن المغاربة تملك مصر، وتبيع أولاد الترك في سويقة مازن، وهذا السلطان أبو الحسن ملك عالم مجاهد عادل، كتب من مدة قريبة بخطه ثلاثة مصاحف، ووقفها على الحرمين، وعلى حرم القدس، وجهز معها عشرة آلاف دينار، اشترى بها أملاكاً بالشام، وووقفت على القراء والخزنة للمصاحف المذكورة.

ووقفت على نسخة توقيع بمسامحة الأوقاف المذكورة، بمؤن وكلف وأحكار، أنشأه

<<  <  ج: ص:  >  >>