الشيطان، حتى طلب من صاحب سيس الحمل الذي يحمل إلى السلطان.
وفيها في شهر رجب، وصل الوباء إلى حلب، كفانا الله شره، وهذا الوباء قيل لنا إنه ابتدأ من الظلمات، من خمس عشرة سنة متقدمة، على تاريخه، وعملت فيه رسالة سميتها، النبا عن الوبا.
فمنها: اللهم صل على سيدنا محمد وسلم، ونجنا بجاهه من طغيان الطاعون وسلم، طاعون روع وأمات، وابتدأ خبره من الظلمات، فواهاً له من زائر، من خمس عشرة سنة دائر، ما صين عنه الصين، ولا منع منه حصن حصين، سل هندياً في الهند، واشتد على السند، وقبض بكفيه وشبك، على بلاد أزبك، وكم قصم من ظهر، فيما وراء النهر، ثم ارتفع ونجم، وهجم على العجم، وأوسع الخطا، إلى أرض الخطا، وقرم القرم، ورمى الروم بجمر مضطرم، وجر الجرائر، إلى قبرس والجزائر، ثم قهر خلقاً بالقاهرة، وتنبهت عينه لمصر فإذا هم بالساهرة، وأسكن حركة الإسكندرية، فعمل شغل الفقراء مع الحريرية.
ومنها:
إسكندرية ذا الوباء ... سبع يمد إليك ضبعه
صبراً لقسمته التي ... تركت من السبعين سبعه
ثم تيمم الصعيد الطيب، وأبرق على برقة منه صيب، ثم غزا غزة، وهز عسقلان هزة، وعك إلى عكا، واستشهد بالقدس وزكى، فلحق من النهار بين الأقصى بقلب كالصخرة، ولولا فتح باب الرحمة لقامت القيامة في مرة، ثم طوى المراحل، ونوى أن يحلق الساحل، فصاد صيداً، وبغت بيروت كيداً، ثم صدد الرشق، إلى جهة دمشق، فتربع ثم وتميد، وفتك كل يوم بألف وأزيد، فأقل الكثرة، وقتل خلقاً ببثرة. ومنها:
أصلح الله دمشقاً ... وحماها من مسبه
نفسها خست إلى أن ... تقتل النفس بحبه
ثم أمر المزه، وبرز إلى برزة، وركب تركيب مزج على بعلبك، وأنضد في قارة قفا نبك، ورمى حمص بجلل، وصرفها مع علمه أن فيها ثلاث علل، ثم طلق الكنة في حماة، فبردت أطراف عاصيها من حماة:
يا أيها الطاعون إن حماة من ... خير البلاد ومن أعز حصونها
لا كنت حين شممتها فسممتها ... ولثمت فاها آخذاً بقرونها
ثم دخل معرة النعمان، فقال لها أنت مني في أمان، حماة تكفيك، فلا حاجة لي فيك:
رأى المعرة عيناً زانها حور ... لكن حاجبها بالجور مقرون
ماذا الذي يصنع الطاعون في بلد ... في كل يوم له بالظلم طاعون
ثم سرى إلى سرمين والفوعة، فشعث عن السنة والشيعة، فسن للسنة أسنته شرعاً،