وشيع في منازل الشيعة مصرعاً، ثم أنطى أنطاكية بعض نصيب، ورحل عنه حياء من نسيانه ذكرى حبيب، ثم قال لشيزر وحارم لا تخافا مني، فأنتما من قبل ومن بعد في غنى عني، فالأمكنة الردية، تصح في الأزمنة الردية، ثم أذل عزاز وكلزه، وأصبح في بيوتها الحارث ولا أغنى ابن حلزة، وأخذ من أهل الباب، أهل الألباب، وباشر تل باشر، ودلك دلوك وحاشر، وقصد الوهاد والتلاع، وقلع خلقاً من القلاع، ثم طلب حلب، ولكنه ما غلب.
ومنها ومن الأقدار، أنه يتتبع أهل الدار، فمتى بصق أحد منهم دماً، تحققوا كلهم عدماً، ثم يسكن الباصق الأجداث، بعد ليلتين أو ثلاث.
سألت بارئ النسم، في دفع طاعون صدم، فمن أحس بلع دم، فقد أحس بالعدم، ومنها:
حلب والله يكفي ... شرها أرض مشقه
أصبحت حية سوء ... تقتل الناس ببزقه
فلقد كثرت فيها أرزاق الجنائزية فلا رزقوا، وعاشوا بهذا الموسم وعرقوا، من الحمل فلا عاشوا ولا عرفوا، فهم يلهون ويلعبون، ويتقاعدون على الزبون:
اسودت الشهباء في ... عيني من وهم وغش
كادت بنو نعش بها ... أن يلحقوا ببنات نعش
ومما أغضب الإسلام، وأوجب الآلام، أن أهل سيس الملاعين، مسرورون لبلادنا بالطواعين:
سكان سيس يسرهم ما ساءنا ... وكذا العوائد من عدو الدين
فالله ينقله إليهم عاجلاً ... ليمزق الطاغوت بالطاعون
ومنها فإن قال قائل هو يعدي ويبيد، قلت بل الله يبدي ويعيد، فإن جادل الكاذب في دعوى العدوى وتأول، قلنا فقد قال الصادق صلى الله عليه وسلم فمن أعدى الأول، استرسل ثعبانه وانساب، وسمى طاعون الأنساب، وهو سادس طاعون وقع في الإسلام، وعندي أنه الموتان الذي أنذر به نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام.
كان وكان:
أعوذ بالله ربي من شر طاعون النسب ... باروده المستعلي قد طار في الأقطار
دولاب دهاشانه ساعي لصارخ ما رثى ... ولا فدا بذخيره فناشه الطيار
يدخل إلى الدار يحلف ما أخرج إلا بأهلها ... معي كتاب القاضي بكل من في الدار
وفي هذا كفاية، ففي الرسالة طول.
وفيها أسقط القاضي المالكي الرياحي بحلب تسعة من الشهود ضربة وحدة، فاستهجن منه ذلك، وأعيدوا إلى عدالتهم ووظائفهم.
وفيها قتل بحلب زنديقان أعجميان، كانا مقيمين بدلوك.
وفيها بلغنا وفاة القاضي زين الدين عمر البلقيائي بصفد بالوباء، والشيخ ناصر الدين العطار بطرابلس بالوباء، وهو واقف الجامع المعروف به، بها وفيها توفي القاضي جمال الدين سليمان بن ريان الطائي