"إنَّ لَكَ رِقابَهُنَّ وما عليهن من كسوةٍ وطعامٍ، أَهداهنّ إِليّ عظيم (فَدَك)، فاقبضهن، ثمَّ اقضِ دينَك".
قال: ففعلتُ، فَحَطَطتُ عنهنَّ أَحمالهنّ، ثمَّ عَقلتُهُنَّ، ثمَّ عَمَدْتُ إِلى تأذين صلاة الصبح، حتّى إِذا صلّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ خرجتُ إِلى البقيع؛ فجعلتُ إِصبعي في أُذني فنادَيْتُ: من كانَ يطلبُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - دَينًا فليحضر، فما زلتُ أَبيعُ وأقضي، وأَعرض فأقضي (١)، حتّى إِذا فضل في يدي أُوقيتان أَو أُوقية ونصف؛ انطلقت إِلى المسجدِ وقد ذهب عامّة النهارِ؛ فإِذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس في المسجدِ وحده، فسلمتُ عليه، فقال لي:
"ما فعلَ ما قبلك؟! ".
فقلت: قد قضى الله كلَّ شيء [كان] على رسولِه - صلى الله عليه وسلم -؛ فلم يبقَ شيءٌ، فقال [رسولُ الله]- صلى الله عليه وسلم -:
"أفضلَ شيءٌ؟ ".
قلت: نعم، قال:
"انظر أَن تريحني منها".
فلمّا صلّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العتمة؛ دعاني فقال:
"ما فعل ما قبلك؟ "؛ [قال:] قلت: هو معي لم يأتنا أَحد، فباتَ في المسجد حتّى أَصبحَ، فظلّ في المسجد اليوم الثاني؛ حتّى كان في آخر النهار
(١) زاد الطبراني (١/ ٣٥١)، والبيهقي في "الدلائل" (١/ ٣٥٠): حتّى لم يَبق على رسولِ الله دين في الأَرض.