كنّا مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في بعض مغازيه، فانتهيتُ ذاتَ ليلةٍ، فلم أَرَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في مكانِه، وإِذا أَصحابه كأنّ على رؤسهم الطير، وإِذا الإِبل قد وضعت جرانها، قال: فنظرتُ؛ فإذا أَنا بخيال؛ فإِذا معاذ بن جبل قد تصدى [لي]، فقلت: أَين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال:[ورائي]، وإِذا أنا بخيال؛ فإذا هو أَبو موسى الأَشعريّ، فقلت: أَين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: ورائي.
قال: فسمعت خلف أَبِي موسى هَزيزًا كهزيز الرَّحى؛ فإِذا أَنا برسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسولَ الله! إنَّ النبيّ إِذا كانَ بأَرض العدوّ؛ كانَ عليه حرس؟ فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -:
"أَتاني آتٍ فخيرني بين أَن يدخلَ نصفُ أُمتي الجنّة، وبين الشفاعة، فاخترتُ الشفاعة"
فقال معاذ: بأَبي أَنتَ وأُمي يا رسولَ الله! قد عرفتَ منزلتي؛ فاجعلني منهم، قال:
"أَنت منهم".
قال عوف بن مالك وأَبو موسى: يا رسولَ الله! قد عرفتَ أنَّا تركنا أَموالَنا وأَهلينا وذرارينا؛ نؤمنُ باللهِ ورسولِه، فاجعلنا منهم، قال:
"أنتما منهم".
قال: فانتهينا إِلى القوم وقد ثاروا، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -:
"أَتاني آتٍ من ربّي، فخيرني بين أَنْ يدخل نصف أُمتي الجنّة، وبين