وهو قياس باطل بداهة عند من يعرف مقادير الرجال، وينزّل الناس منازلهم؛ فإن من المتفق عليه الاعتداد بتوثيق الشيخين دون توثيق ابن حبان، وأن تصحيحهما أقوى من تصحيحه، وهذا أقل ما يمكن أن يقال (١).
وإذ قد فرغت من إبطال مثاله الأول؛ فلنتابع الرد عليه في أمثلته الأخرى، وبيان ما فيها:
ثانيًا: قال: "وقد انفرد البخاري في الرواية عن ... ".
قلت: فسمى أربعة منهم، ثم ذكر خامسًا تفرد بالرواية عنه مسلم، ثم قال في خمستهم:
"ولم يرو عن كل واحد منهم إلَاّ واحد"!!
والجواب من وجوه:
الأول: أنه قياس، وهو باطل لما ذكرت آنفًا.
الثاني: أنهم قد وُثقوا من غير ابن حبان.
أما الأول منهم - وهو زيد بن رباح المدني -؛ فقد نقل هو عن الحافظ ابن حجر أنه وثقه الدارقطني، وابن عبد البر وغيرهما -، وقال الحافظ:
"فانتفت عنه الجهالة بتوثيق هؤلاء".
فالعجب من الداراني ينقل الحجة عليه، ثم يكابر ويغالط!
وأما الثاني - عمر بن محمد بن جبير بن مطعم -؛ فوثقه النسائي، ولذلك
(١) قلت: إن من عناد الداراني: تصريحه بأن ابن نمر هذا ثقة، وأن إسناد حديثه المتقدم عن بُسرة صحيح! كما يأتي في التعليق على حديثها (٢١٤).