للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يوثقان من أمثالهم تارة، ويجهِّلان تارة، ولكل قاعدة شواذ (١)، وقد ذكرت رأيي في أمثال هؤلاء في بعض البحوث، ويأتي شيء من ذلك في نهاية هذا التحقيق - إن شاء الله تعالى -.

ثم إن الأخ الداراني - هداه الله - زاد في المغالطة، وضرب الأمثلة الخارجة عن الموضوع، فذكر أسماء بعض الصحابة - رضي الله عنهم - ممن خرّج لهم الشيخان! ولم يرو عنهم إلَّا واحد! نقل ذلك عن الإمام النووي! وابن الصلاح!

فأقول: لقد تجاهل الداراني - عفا الله عنه - حقيقة اتفق عليها أهل السنة، وهي أن الصحابة كلهم عدول بتعديل الله إياهم في آيات كثيرة، وأحاديث شهيرة، فلا داعي للإطالة، فمن شاء راجع كتب المصطلح، فانظر مثلًا "فتح المغيث" للحافظ السخاوي (٣/ ١٠٠ - ١٠٦).

فإن كان الأخ الداراني يعرف هذه الحقيقة، ويؤمن بها؛ فإنا نقول له: إن قياسك غير الصحابة - من التابعين ومن بعدهم الذين هم بحاجة إلى أن يعدَّلوا من بعض البشر -؛ كيف صح في عقلك أن تقيسهم على الصحابة الذين عدّلهم الله - تبارك وتعالى -؟! تالله إن هذا لمن أبطل قياس يقوله رجل يدري ما يخرج مِن فيه!

ثم إنني أسأله: لماذا نقل كلام الإمام النووي، ووضعه في هذا الموضع


(١) قلت: ومن الأمثلة على ذلك: (زينب بنت كعب بن عجرة) راوية حديث (الفريعة) التي أمرها - صلى الله عليه وسلم - أن تمكث في بيتها بعد وفاة زوجها ... الآتي (١٣٣١، ١٣٣٢)؛ فهي ممن لم يرو عنها غير ثقتين، ولم يوثقها غير ابن حبان، ومع ذلك فقد صححت حديثها؛ لأنَّه صحَّحه جمع من الحفاظ؛ مثل محمد بن يحيى الذهلي، والترمذي، وابن الجارود، وابن حبان، والحاكم، والذهبي، وابن القيم، واحتج به الإمام أحمد، إلى كونها تابعية زوج أبي سعيد الخدري؛ وقيل: إنها صحابية.
ومن أوهام الداراني: أنه صحح إسناد حديثها هناك دون أن يحقق أنها ثقة؛ ولو بنقل توثيق (مقلَّده) ابن حبان إياها!!

<<  <  ج: ص:  >  >>