للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا أجد سببًا أقطع به - بعد السبب العام الشامل للبشر قاطبة إلَّا الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -، وهو الذي أشار إليه الإمام مالك - رحمه اللَّه - في قوله المعروف: "ما منا من أحد إلَّا ردَّ أو رُدَّ عليه إلَّا صاحب هذا القبر، وأشار إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ اللَّهم إلَّا الاستعجال في التأليف، وعدم التمكن من إعادة النظر فيه وتبييضه؛ بسبب مرض، أو تأخر في العمر، أو غير ذلك من الأسباب التي تختلف باختلاف الناس والظروف التي تحيط بهم.

وقد وجدت بعض الحفاظ قد عللوا تساهل الحاكم في "المستدرك" بشيء مما ذكرت، فقال الحافظ ابن حجر:

"وإنما وقع للحاكم التساهل؛ لأنه سوَّد الكتاب لينقحه، فأعجلته المنية" (١).

وقال السخاوي في "فتح المغيث" (١/ ٣٦):

"يقال: إن السبب في ذلك أنه صنفه في آخر عمره، وقد حصلت له غفلة وتغير، أو أنه لم يتيسر له تحريره وتنقيحه ... ".

ولَدَيَّ بالنسبة لابن حبان سببان آخران:

أحدهما: أنه أحاطت به بعض الفتن بسبب كلمة قالها في النبوة وغيرها، فهُجر بسببها، وأُخرج من بلده (٢)، وهذا مما لا يرتاب عاقل أنه يشغل البال، ولا يفسح للعالم أن يتقن الأعمال، وبخاصة ما كان منها علمية فكرية.

والآخر: أنه قد نص في مقدمة "الثقات" (١/ ١١) أن هذا "مختصر عن كتاب التاريخ الكبير" مثل كتابه الآخر: "الضعفاء والمجروحين"؛ فقد لاحظت أنه قد بقي في "ثقاته" عشرات المترجمين، هم بِـ "التاريخ" أولى من "الثقات"،


(١) ذكره السيوطي في "التدريب" (١/ ١٠٦).
(٢) انظر "الميزان"، و"تاريخ الإسلام" (٢٦/ ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>