عدة أحاديث في "صحيحه" ليس فيها التصريح بالسماع! وعلى قول الداراني (٣/ ٢٢١)؛ لأن البخاري أخرج له بالعنعنة حديثًا في الغسل (٢٩١)، ومسلم في الحيض (٣٤٨)، وفي الإمارة (١٨٥٤)، وأنت إذا رجعت إلى هذه الأحاديث الثلاثة وجدتها من رواية الحسن عن بعض التابعين، عن أبي هريرة، وأم سلمة!
فهذا غير ما نحن فيه؛ لأن روايته عن التابعين غير روايته عن الصحابة؛ كما تقدمت الإشارة إلى ذلك، ومع ذلك؛ فقد رأيت الداراني قد اختلف موقفه هذا تجاه حديث آخر، هو أيضًا من حديث الحسن عن أبي بكرة، سيأتي - إن شاء اللَّه - في "الصحيح" برقم (٣٧٢) مرموزًا له بِـ "صحيح لغيره"، فقد أعله بقوله (٢/ ٦٧):
"الحسن موصوف بالتدليس ... "!
ثم نقل عن بعضهم أنه لم يسمع من أبي بكرة، وهذا النفي باطل؛ لثبوت تصريحه بسماعه منه في "صحيح البخاري"(٢٧٠٤) لحديث: "إن ابني هذا سيد ... "، وكذا صرح بالسماع في "مسند الحميدي" أيضًا (٢/ ٨١١ - تحقيق الداراني) نفسه، ولذلك أثبته - أعني: التصريح - الداراني في بعض تعليقاته الأخرى على "الموارد"؛ كالحديثين (١٥٣٠, ٢٢٣٢)، وهذا سيأتي - إن شاء اللَّه - في "صحيح الموارد".
وأما الذي قبله؛ ففي "الضعيف"؛ لنكارة في متنه، لا يتنبه لمثلها الداراني وأمثاله.
إذا علمت هذا؛ فلعل الأقرب أن لا أقول: إنه تجاهل هذه الحقائق، وإنما أقول: إنه نسيها! لأن الرجل مثل (القمع) لا يحفظ الأحاديث النبوية، ولا القواعد العلمية، وما يتعلق بها من التراجم وغيرها، فهو لا يستحضر منها ما يلزمه منها؛ لحداثة عهده بها، فما يبرمه اليوم ينقضه غدًا، فهو حَطَّاب نقّال، ليس عنده