للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصلاة فى المحاريب المشهورة ف المساجد قد كرهها جماعة من الأئمة. وهى من البدع التى لم تكن فى العصر الأوّل (١) (وقال) السمهودى فى تاريخ المدينة: أسند يحيى عن عبد المهيمن بن عباس عن أبيه قال: مات عثمان وليس فى المسجد شرفات ولا محراب. فأوّل من أحدث المحراب والشرفات عمر ابن عبد العزي أهـ (وقال) النووى: إذا صلى فى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم فمحراب الرسول فى حقه كالكعبة، فمن يعاينه يعتمده. ولا يجوز العدول عنه بالاجتهاد بحال. ويعنى بمحراب الرسول مصلاه وموقفه، لأنه لم يكن هذا المحراب المعروف موجوداً فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم. وإنما أحدثت المحاريب بهده أهـ (٢) (وقال) العلامة البجرمىّ: والمحراب لغة صدر المجلس سمى المحراب المعهود بذلك، لأن المصلى يحارب فيه الشيطان. ولم يكن فى زمانه صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده إلى آخر المائة الأولى محراب.

وإنما حدثت المحاريب فى أوّل المائة الثانية، مع ورود النهى عن اتخاذها لأنها بدعة ولأنها من بناء الكنائس أهـ (٣). ثم الكلام فى ثلاثة فروع:

(أ) اشتباه القبلة: قد علمت أن القبلة تختلف باختلاف البقاع. فإن فقدت الأدلة واشتبهت على مريد الصلاة ولم يجد بحضرته من يسأله، اجتهد وصلى. وليس له الاجتهاد قبل السؤال. ولا يلزمه طلب من يسأله خلافا للحنبلية كما تقدم (٤). والأصل فى ذلك قول عامر بن ربيعة: " كنا فى سفر مع النبى صلى الله عليه وسلم فى ليلة مُظْلمة، فلم ندر أين القبلةُ؟ فصلى كلُّ رجل منا على حِياله. فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم


(١) ص ٥٧١ ج ١ - روح المعانى (فنادته الملائكة وهو قائم يصلى فى المحراب).
(٢) ص ٢٠٣ ج ٣ - شرح المهذب.
(٣) ص ١٦٤ ج ١ - حاشية البجرمى على شرح المنهج (التوجه شرط).
(٤) تقدم ص ١١٢.