للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله أن لا يحمل الخمر من رُسْتاقٍ إلى رُسْتاق (١).

فصل

قولهم: (ولا نُرغِّب في ديننا، ولا ندعو إليه أحدًا).

هذا من أولى الأشياء أن ينتقض العهد به، فإنَّه حِراب الله ورسوله باللسان، وقد يكون أعظم من الحراب باليد، كما أنَّ الدعوة إلى الله ورسوله جهادٌ بالقلب وباللسان، وقد يكون أفضل من الجهاد باليد (٢).

ولما كانت الدعوة إلى الباطل مستلزمةً ــ ولا بد ــ للطعن في الحق، كان دعاؤهم إلى دينهم وترغيبُهم فيه طعنًا في دين الإسلام، وقد قال تعالى: {وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئمَّةَ اَلْكُفْرِ} [التوبة: ١٢]. ولا ريبَ أنَّ الطعن في الدين أعظم من الطعن بالرمح والسيف، فأولى ما انتقض به العهدُ: الطعنُ في الدِّين ولو لم يكن مشروطًا عليهم، فالشرط ما زاده إلا تأكيدًا وقوةً.


(١) أخرجه أبو عبيد في «الأموال» (٣٠٣) ــ وعنه ابن زنجويه (٤٢٦) ــ والخلال في «الجامع» (٢/ ٤٢٧). قوله: «من رستاق إلى رستاق» أي: من إقليم إلى إقليم، وفي رواية الخلال: «من قرية إلى قرية».
(٢) وفي هذا المعنى يقول المؤلف في «جلاء الأفهام» (ص ٤٩٢): «وتبليغ سنَّته إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو، لأن تبليغ السهام يفعله كثير من الناس، أما تبليغ السنن فلا يقوم به إلا ورثة الأنبياء».