للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل (١)

فإن بذَلَ التغلبيُّ الجزية وتُحَطُّ عنه الصدقة فهل يقبل منه؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا يقبل منه، لأن الصلح وقع على هذا، فلا يُغيَّر.

والثاني: يُقبل منه، لقوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا اُلْجِزْيَةَ} [التوبة: ٢٩]، وهذا قد أعطى الجزية، ولأن الجزية هي الأصل والصدقة بدلٌ، فإذا بذل الأصل حرم قتله وقتالُه (٢)، ولأن الجزية هي الصَّغار والذُّل الذي أَنِفُوا منه، فترك لمصلحةٍ، فإذا زالت المصلحة وأقرُّوا به والتزموه قُبِل منهم. وهذا أرجح، والله أعلم.

وأما إن كان باذلُ الجزية منهم حربيًّا لم يدخل تحت الصلح فإنها تُقبل منه قولًا واحدًا، ولا يلزمه ما صالح عليه إخوانه. وإن أراد الإمام نقْضَ صلحهم وإلزامهم بالجزية لم يكن له ذلك؛ لأن عقد الذمة على التأبيد، وقد عقد معهم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فلم يكن لغيره نقضُه ما داموا على العهد.

فصل

وهذا الحكم يختصُّ ببني تغلب، نصَّ عليه أحمد.


(١) انظر: "المغني" (١٣/ ٢٢٦).
(٢) "وقتاله" ساقطة من المطبوع.