للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: ما أجودَ هذا! فقال له يعقوب: بلغني عنك أنك تعطي عن دارك الخراج فتتصدق به، قال: نعم.

قلت: إنما كان أحمد يفعل ذلك؛ لأن بغداد من أرض السواد التي وضع عليها عمر الخراج، فلما بُنيت مساكن راعى أحمد حالها الأولى التي كانت عليها من عهد عمر - رضي الله عنه - إلى أن صارت دورًا.

قال القاضي (١): وقد قيل: إن ما لا يُستغنى عن بنائه في مقامه في أرض الخراج لزارعها وفلّاحها عفوٌ لا خراجَ عليه؛ لأنه لا يستقلُّ (٢) فيها إلا بمسكنٍ يسكنه، وما بناه للكراء والتوسعة التي لا يحتاج إليها فعليه خراجه.

قلت: وهذا هو الذي استمر عليه عمل الناس قديمًا وحديثا، وهو غير ما كان يفعله أحمد، على أن أحمد كان يفعل ذلك احتياطًا، ولم يأمر به أهل بغداد عامةً، بل عُدَّ من جملة ورعه أنه كان يُخرِج الخراج عن داره فيتصدق به، وغيره لم يكن يفعل ذلك ولا كان أحمد يُلزِم به الناس، وقد صرَّح أصحاب أحمد والشافعي وغيرهم أنه لا خراج على المساكن.

فصل (٣)

وإذا آجَرَ (٤) أرض الخراج أو أعارها فخراجها على المُؤجِر والمعير.


(١) في "الأحكام السلطانية" (ص ١٧٠).
(٢) عند أبي يعلى: "لا يستقر".
(٣) انظر: "الأحكام السلطانية" (ص ١٧١).
(٤) ضبطه في المطبوع: "أجّر". وهو من الأخطاء الشائعة.