للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعميان. ولو كانت أجرةً لما أنِفَتْ منها العرب من نصارى بني تغلب وغيرهم، والتزموا ضِعْفَ ما يؤخذ من المسلمين من زكاة أموالهم. ولو كانت أجرةً لكانت مقدَّرةَ المدَّة كسائر الإجارات. ولو كانت أجرةً لما وَجَبتْ بوصف الإذلال والصَّغار. ولو كانت أجرةً لكانت مقدَّرةً بحسب المنفعة، فإن سكنى الدار قد يُساوي في السنة أضعافَ أضعافِ الجزية المقدرة. ولو كانت أجرةً لما وجبتْ على الذمّي أجرةُ دارٍ أو أرضٍ يسكنها إذا استأجرها من بيت المال. ولو كانت أجرةً لكان الواجب فيها ما يتفق عليه المُؤجِر والمستأجر.

وبالجملة ففساد هذا القول يُعلم من وجوهٍ كثيرةٍ.

وقد اختلف أئمة الإسلام في تقدير الجزية، فقال الشافعي (١) رحمه الله تعالى: ويُجعل على الفقير المعتمل دينارٌ، وعلى المتوسط ديناران، وعلى الغني أربعة دنانير. وأقلُّ ما يُؤخذ دينارٌ، وأكثره ما وقع عليه التراضي، ولا يجوز أن يُنقصَ من دينارٍ.

وقال أصحاب مالك (٢): أكثر الجزية أربعةُ دنانير على أهل الذهب، وأربعون درهمًا على أهل الوَرِق، ولا يُزاد على ذلك. فإن كان منهم ضعيفٌ خُفِّف عنه بقدر ما يراه الإمام.


(١) انظر: "الأم" (٥/ ٤٢٤، ٤٢٨)، و"التنبيه" للشيرازي (ص ٢٣٧).
(٢) انظر: "عقد الجواهر الثمينة" (١/ ٤٨٨).