للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إنَّ هؤلاء كلَّهم وسائر الأصحاب ذكروا مسألة سبِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - في موضع آخر، وذكروا أنَّ سابَّه يُقتَل وإن كان ذِمِّيًّا (١)، وأنَّ عهده ينتقض، وذكروا نصوص أحمد من غير خلاف في المذهب، إلا أنَّ الحلواني قال: ويحتمل أن لا يُقتَل مَن سبَّ الله ورسوله إذا كان ذميًّا.

فصل

وسلك القاضي أبو الحسين طريقةً ثانيةً (٢) في نواقض العهد فقال: أمَّا الثمانية التي فيها ضررٌ على المسلمين وآحادهم في مال أو نفس، فإنَّها تنقض العهد في أصحِّ الروايتين. وأمَّا ما فيه إدخال غضاضة ونقص على الإسلام ــ وهو ذكر الله وكتابه ودينه ورسوله بما لا ينبغي ــ فإنَّه ينقض العهد، نصَّ عليه.

ولم يُخرِّج في هذا رواية أخرى كما ذكر أولئك. وهذا أقرب من تلك الطريقة.

وعلى الرواية التي تقول: لا ينتقض العهد بذلك، فإنَّما ذلك إذا لم يكن مشروطًا عليهم في العهد. فأمَّا إن كان مشروطًا ففيه وجهان:


(١) ومن ذلك ما ذكروا فيمن قذف أم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يُقتل مسلمًا كان أو كافرًا. انظر: «مختصر الخرقي» (١٢/ ٤٠٤ مع المغني)، و «رؤوس المسائل الخلافية» للشريف أبي جعفر (٢/ ٨٧٤)، و «المقنع» (ص ٤٣٨).
وفي «المستوعب» في باب المرتد (٢/ ٤٨٤): «من سبَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل الذمة قُتل أسلم أو لم يسلم». مع أنه تابع القاضي في أبواب عقد الذمة (٢/ ٤٦٩، ٤٧٨) فجعل مَن ذكر الله أو كتابه أو رسوله أو دينه بالسوء على روايتين.
(٢) في الأصل: «طريق ثالثة»، والتصحيح من «الصارم».