للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتبع القاضي جماعةٌ من أصحابه ومن بعدهم (١) كالشريف وأبي الخطاب وابن عقيل والحلواني، فذكروا أنَّه لا خلافَ أنَّهم إذا امتنعوا من أداء الجزية والتزام أحكام الملة انتقض عهدهم. وذكروا في جميع هذه الأفعال والأقوال التي فيها الضرر على المسلمين وآحادهم في نفس أو مال، أو فيها غضاضةٌ على المسلمين في دينهم مثل سبِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما معه= روايتين: إحداهما: ينتقض العهد، والأخرى: لا ينتقض عهده ويقام فيه الحدُّ، مع أنَّهم كلُّهم متفقون على أنَّ المذهب انتقاض العهد بذلك (٢).

ثم إنَّ القاضي والأكثرين لم يعُدُّوا (٣) قذف المسلم من الأمور المُضِرَّة الناقضة، مع أنَّ الرواية المُخرَّجة إنَّما خُرِّجَت (٤) مِن نصِّه في القذف (٥).

وأمَّا أبو الخطاب ومَن تبعه فإنَّهم نقلوا حكم تلك الخصال إلى القذف، كما نقلوا حكم القذف إليها، حتى حكوا في انتقاض العهد بالقذف روايتين (٦).


(١) في الأصل: «تقدم»، تصحيف. والتصحيح من «الصارم».
(٢) انظر: «الهداية» لأبي الخطاب (ص ٢٢٧) و «التذكرة» لابن عقيل (ص ٣٢٥).
(٣) في الأصل: «لم يعدَّ»، والمثبت من «الصارم».
(٤) في الأصل: «خرجه»، تصحيف.
(٥) ظاهر هذه العبارة يوحي أن القاضي ومن معه خالفوا نصَّ الإمام في القذف. ونصُّ الإمام في القذف أنه غير ناقض للعهد كما سبق وسيأتي، فإذا لم يعدَّه القاضي والأكثرون من الأمور الناقضة لكانوا موافقين لنصِّ أحمد، فأخشى أن يكون: «لم يعدُّوه» سبق قلم وأن يكون قصد شيخ الإسلام: «عَدُّوا»، فليُنظر.
(٦) انظر: «الهداية» لأبي الخطاب (ص ٢٢٧) و «المقنع» (ص ١٥٠).