للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورأيت لشيخنا في ذلك فصلًا نقلتُه من خطه بلفظه، قال (١): والكتاب الذي بأيدي الخَيابرة الذي يدَّعون أنه بخط علي في إسقاط الجزية عنهم باطلٌ، وقد ذكر ذلك الفقهاء من أصحابنا وأصحاب الشافعي وغيرهم، كأبي العباس بن سُرَيج (٢) والقاضي أبي يعلى والقاضي الماوردي وأبي محمد المقدسي وغيرهم، وذكر الماوردي (٣) أنه إجماعٌ. وصدَق.

قال: هذا الحكم ثابتٌ بالكتاب والسنة والإجماع، ثابتٌ بالعموم لفظًا ومعنى، وهو عمومٌ منقول بالتواتر لم يخصَّه أحدٌ من علماء الإسلام، ولا دليلٌ من أدلَّة (٤) الشرع، فيمتنع تخصيصه بما لا تُعرف صحته، ولا وجد أيضًا في الشريعة [معنًى] للتخصيص، فإن الواحد من المسلمين ــ مثل أبي بُردة بن نِيار (٥) وسالمٍ [مولى] أبي حذيفة (٦) ــ إنما خُصَّ بحكمٍ لقيام معنًى


(١) نقل البعلي بعضَه في "الأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية لابن تيمية" (ص ٤٥٧، ٤٥٨). وانظر: "مجموع الفتاوى" (٢٨/ ٦٦٤).
(٢) في المطبوع: "شريح"، تحريف.
(٣) قال في "الأحكام السلطانية" (ص ٢٢٣): "ويهود خيبر وغيرهم في الجزية سواء بإجماع الفقهاء". وكذا في "الأحكام السلطانية" لأبي يعلى (ص ١٥٤).
(٤) في الأصل: "شيء أوله" تحريف.
(٥) في المطبوع: "دينار"، تحريف. خصَّه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه تَجزي عنه جذعة في الأضحية وقال: "ولن تَجزي عن أحدٍ بعدك"، وذلك لأنه تعجَّل الذبح قبل الصلاة، ولم يبقَ له شيء يذبحه بعد الصلاة غير جذعة من المعز. أخرجه البخاري (٩٥٥) ومسلم (١٩٦١) من حديث البراء.
(٦) وذلك حين أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة أبي حذيفة سهلة بنت سهيل أن تُرضعه بعد ما قد بلغ مبلغ الرجال، لتَحْرُم عليه، وكان قد تبنَّاه أبو حذيفة، فكان يدخل عليها قبل نزول آيات الأحزاب في النهي عن التبنِّي. أخرجه البخاري (٤٠٠٠) ومسلم (١٤٥٣) من حديث عائشة. ورأت عامَّة أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عدا عائشة أن رضاع الكبير كانت رخصة أرخصها النبي - صلى الله عليه وسلم - لسالمٍ خاصَّة. أخرجه مسلم (١٤٥٤).