للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اختصَّ به، وليس كذلك اليهود وأعقابهم، بل الخيابرة قد صدر منهم محاربة الله ورسوله وقتالُ عليٍّ لهم ما يكونون به أحقَّ بالإهانة، فأما الإكرام وترك الجهاد إلى الغاية التي أمر الله بها في أهل دينهم فلا وجهَ له.

وأيضًا فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يضرب جزيةً راتبةً على من حاربه من اليهود، لا بني قَينُقَاع ولا النضير ولا قُريظة ولا خيبر، بل نفى بني قينقاع إلى أَذرِعاتٍ، وأجلى النَّضير إلى خيبر، وقتل قريظة، وقاتل أهلَ خيبر فأقرَّهم فلّاحين ما شاء الله، وأمر بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، لكن لما بعث معاذًا إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل حالمٍ دينارًا أو عِدْلَه مَعافرَ.

قلت: ومقصود شيخنا: أن أهل خيبر وغيرهم من اليهود كانوا في حكمه سواءً، فلم يأخذ الجزية من غيرهم حتى (١) أسقطها عنهم، فإن الجزية إنما نزلت فريضتها بعد فراغه من اليهود وحربهم، فإنها نزلت في سورة براءة عامَ حجة الصديق - رضي الله عنه - سنة تسعٍ، وقتاله لأهل خيبر كان في السنة السابعة، وكانت خيبر بعد صلح الحديبية جعلها الله سبحانه شُكرانًا لأهل الحديبية وصبرهم، كما جعلَ فتحَ قريظة بعد الخندق شُكرانًا وجَبْرًا لما حصل للمسلمين في تلك الغزوة، وكما جعل النَّضير بعد أحدٍ كذلك، وجعل قينقاع


(١) في هامش الأصل: "حين" بعلامة خ.