للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

برحمته، وأن يدخل بعضهم الجنة وبعضهم النار. ولا سبيل لنا إلى إثبات شيء من هذه الأقسام إلَّا بخبر يَجِب المصير إليه، وكلُّها جائزةٌ بالنسبة إلى الله، وإنَّما يترجَّح بعضُها على بعض بمجرَّد المشيئة.

وهذا قول الجَبْريَّة نُفاةِ الحكمة والتعليل. وقد ظنَّ كثيرٌ من هؤلاء أنَّ هذا جواب النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث سُئِل عنهم فقال: «الله أعلم بما كانوا عاملين». وهذا الفهم غلطٌ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجوابُه لا يدُلُّ على ذلك أصلًا، بل هو حجةٌ عليهم، فإنَّه لم يقُلْ: هم في مشيئة الله يفعل فيهم ما يشاء بلا سبب ولا عمل، بل أخبر أنَّ الله يعلم أعمالهم التي يستحقُّون بها الثواب أو العقاب لو عاشوا.

وقد دلَّت الآثار التي سنذكرها على ظهور معلومه فيهم في الدار الآخرة، الذي يقع عليه الثواب والعقاب.

وهذا المذهب مَبنِيٌّ على أصول الجبريَّة المنكرين للأسباب والحِكَم والتعليل. وهو مذهب مخالف للعقل والفطرة، والقرآن والسنة، وجميع ما جاءت به الرسل.

فصل

المذهب السادس: أنَّهم خدَمُ أهل الجنة ومماليكُهم. وهم معهم بمنزلة أرقائهم ومماليكهم في الدنيا. وهذا مذهب سلمان.

واحتج هؤلاء بما رواه يعقوب بن عبد الرحمن القاريّ عن أبي حازم المديني، عن يزيد الرقاشي، عن أنسٍ - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سألتُ ربي اللَّاهين من ذريَّة البشر أن لا يعذِّبَهم، فأعطانيهم، فهم خَدَمُ أهل