للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على عدوِّه، ومن لم يُؤمر بالحرب أُهلِك عدوُّه.

يوضِّحه أنَّ المحادَّة مشاقةٌ، لأنَّها من الحدِّ والفصل والبينونة، وكذلك المشاقة من الشِّقِّ، وكذلك المعاداة من العُدوة وهي الجانب، يكون أحد العدوَّين في شقٍ وجانبٍ وحدٍّ، وعدوُّه الآخر في غيرها. والمعنى في ذلك كله معنى المقاطعة والمفاصلة، وذلك لا يكون إلا مع انقطاع الحبل الذي بيننا وبين أهل العهد، لا يكون مع اتصال الحبل أبدًا.

يوضحه: أنَّ الحبل وُصلةٌ وسببٌ، فلا يجامع المفاصلة والمباينة.

وأيضًا: فإنها إذا كانت بمعنى المشاقة فقد قال تعالى: {فَاَضْرِبُوا فَوْقَ اَلْأَعْنَاقِ وَاَضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (١٢) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اُللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ اِللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اَللَّهَ شَدِيدُ اُلْعِقَابِ} [الأنفال: ١٢ - ١٣]، فأمر بضرب أعناقهم، وعلَّل ذلك بمشاقَّتهم ومُحاددتهم (١)، وكل من فعل ذلك وجب أن يضرب عنقه. وهذا دليل تاسعٌ في المسألة.

وتركيبه (٢) هكذا: هذا مشاقٌّ لله ورسوله، والمشاق لله ورسوله مستحقٌّ ضربَ العنق، وقد تبيَّنت صحة المقدمتين.

ونظير هذا الاستدلال: قوله تعالى: {وَلَوْلَا أَن كَتَبَ اَللَّهُ عَلَيْهِمِ اِلْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي اِلدُّنْيا وَلَهُمْ فِي اِلْآخِرَةِ عَذَابُ اُلنّارِ} [الحشر: ٣]، والتعذيب في الدنيا هو القتل والإهلاك، ثم علَّل ذلك بالمشاقَّة، وأخَّر عنهم ذلك التعذيب


(١) كذا في الأصل بفكِّ الإدغام.
(٢) في الأصل: «تركته»، فأثبت صبحي الصالح: «ترتيبه»، والمثبت أقرب إلى الرسم.