للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل (١)

قال أبو عمر (٢): وقال آخرون: معنى قوله: «كل مولود يولد على الفطرة» أنَّ الله فطرهم على الإنكار والمعرفة، وعلى الكفر والإيمان، فأخذ من ذرية آدم الميثاق حين خلقهم، فقال: ألستُ بربكم؟ قالوا جميعًا: بلى، فأمَّا أهل السعادة، فقالوا: بلى، على معرفةٍ له طوعًا من قلوبهم، وأمَّا أهل الشقاوة فقالوا: بلى، كَرهًا غيرَ طوعٍ.

قالوا: ويصدِّق ذلك قوله تعالى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي اِلسَّمَاوَاتِ وَاَلْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [آل عمران: ٨٢].

قالوا: وكذلك قوله: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمِ اِلضَّلَالَةُ} [الأعراف: ٢٨].

قال محمد بن نصرٍ المروزي (٣): سمعت إسحاق بن إبراهيم ــ يعني: ابن راهويه ــ يذهب إلى هذا المعنى، واحتجَّ بقول أبي هريرة: اقرؤوا إن شئتم: {فِطْرَتَ اَللَّهِ اِلَّتِي فَطَرَ اَلنَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اِللَّهِ} [الروم: ٣٠] (٤). قال إسحاق: يقول: لا تبديل للخِلقة التي جَبَل عليها ولدَ آدمَ كلَّهم، يعني مِن الكفر والإيمان، والمعرفة والإنكار.


(١) انظر: «درء التعارض» (٨/ ٤١٣) و «شفاء العليل» (٢/ ٤٢٣).
(٢) في «التمهيد» (١٨/ ٨٣).
(٣) لعله في كتاب «الرد على ابن قتيبة». وما زال النقل من «التمهيد» بواسطة «الدرء».
(٤) سبق تخريجه.