للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مقدمات الدليل؟ وقياسه على المقبوض عوضًا عن الخمر والميتة لا يصح كما عرف الفرق بينهما.

على أنا لا نسلِّم أن مشتري الخمر إذا قبض ثمنها وشربها ثم طلب أن يعاد إليه المال أن يُقضَى له به، بل الأوجه أن لا يردّ إليه الثمن، ولا يباح للبائع أيضًا، لاسيما ونحن نعاقب الخمَّار ــ بيَّاعَ الخمر ــ بأن يحرق الحانوت التي يباع فيها، نصَّ عليه أحمد وغيره من العلماء. فإن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حرَّق حانوتًا يباع فيها الخمر (١)، وعلي بن أبي طالب حرَّق قريةً يباع فيها الخمر (٢).

وهذا على أصل من يرى جواز العقوبات المالية أطردُ، فإنه إذا جاز عقوبته بمالٍ ينزع منه يفسده عليه ويحول بينه وبينه، فأن لا يقضى له بمالٍ أخرجه في المعصية ويُمنع من استرجاعه أولى وأحرى، وبالله التوفيق.

فصل (٣)

فهذا حكم إجارة نفسه لهم، وأما إجارة داره لأهل الذمة فقال


(١) أخرجه عبد الرزاق (١٠٠٥١، ١٧٠٣٥) وأبو عبيد في "الأموال" (٢٩٠) وابن سعد في "الطبقات" (٧/ ٦٠) وابن زنجويه في "الأموال" (٤١٠) والدولابي في "الكنى والأسماء" (١٠٤١) بأسانيد صحيحة.
(٢) أخرجه أبو عبيد في "الأموال" (٢٩١) عن علي بن أبي طالب بإسناد فيه لين.
(٣) اعتمد المؤلف في هذا الفصل على "اقتضاء الصراط المستقيم" (٢/ ٢١ - ٣١).