للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- رضي الله عنه - بأن لا يُتعرَّض لهم، فقال في وصيته ليزيد بن أبي سفيان حين وجَّهه إلى الشام: "لا تَقتُلْ صبيًّا ولا امرأةً ولا هَرِمًا، وستمرُّون على أقوامٍ في الصَّوامع احتبسوا أنفسَهم فيها، فدَعْهم حتى يُميتَهم الله على ضلالتهم، وستجدون أقوامًا فَحَصَوا عن أوساط رؤوسهم فاضرِبْ ما فَحَصوا عنه بالسيف" (١).

فصل

فإن ترهَّب بعد ضرب الجزية عليه وتركَ مخالطة الناس، فهل تسقط الجزية عنه بذلك؟ فلم أر لأصحابنا فيها كلامًا، فيحتمل أن يقال: لا تسقط عنه، وهو الذي ذكره مالك (٢)؛ لأن ترهُّبه ليس بعذرٍ له في إسقاط ما وجب عليه. قالوا: ولأنه يمكن أن يكون ترهُّبه لتسقط الجزية عنه.

واحتمل أن يقال بسقوطها، فإنه مانعٌ لو قارن العقد منع الجزية، فأشبه العجزَ والجنونَ والصِّغر.


(١) هذه الوصية رويت مطولة ومختصرةً من طرق عديدة، عامَّتها مراسيل إذ لم يُدرك رواتها أبا بكر، ولكنها تعضد بعضها بعضًا فتجعل أصل الوصية ثابتة. فمن تلك المراسيل: مرسل يحيى بن سعيد الأنصاري عند مالك في "الموطأ" (١٢٩٢) ــ ومن طريقه البيهقي في "الكبير" (٩/ ٨٩) ــ وعبد الرزاق (٩٣٧٥) وابن أبي شيبة (٣٣٧٩٣)، ومرسل الزهري عند عبد الرزاق (٩٣٧٧)، ومرسل صالح بن كيسان عند البيهقي (٩/ ٩٠)، ومرسل أبي عمران الجوني عند عبد الرزاق (٩٣٧٨)، ومرسل عبد الله بن عُبيدة الربذي عند سعيد بن منصور (٢٣٨٣).
(٢) انظر: "عقد الجواهر الثمينة" (١/ ٤٨٦).