للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا رباع العباس فالعباس كان مستوليًا عليها، وكذلك الحارث بن عبد المطلب كان بمكة ابنه أبو سفيان وابنه ربيعة.

وأمَّا أبو طالب فلم يبقَ له بمكة إلا عقيل، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن له أخٌ فاستولى عقيل على هذا وهذا. فلهذا قال: «وهل ترك لنا عقيل من رِباع؟»، وإلا فبأيِّ طريقٍ يأخذ ملك النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو حيٌّ، ولم يكن هو وارثَه لو كان يُورَث؟

فتبيَّن بهذا أنَّ الكفار المحاربين إذا استولَوا على أموال المسلمين ثم أسلموا كانت لهم، ولم تُرَدَّ إلى المسلمين، لأنها أخذت في الله وأجورهم فيها على الله، كما أتلفه الكفار من دمائهم وأموالهم، فالشهداء لا يُضمَنون، ولو أسلم قاتِلُ الشهيد لم يجب عليه دية ولا كفارةٌ بالسنة المتواترة واتفاق المسلمين. وقد أسلم جماعةٌ على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد عرف مَن قتلوه، مثل وحشي بن حربٍ قاتل حمزة، ومثل قاتل النعمان بن قَوقَل (١) وغيرهما، فلم يطلب النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدًا بشيء عملًا بقوله: {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَر لَّهُم مَّا قَد سَّلَفَ} [الأنفال: ٣٨].

وكذلك المرتدون: قد أسلم طُليحة الأسدي بعد رِدَّته وقد قتل عُكَاشَة بن مِحصَن، فلم يُضَمِّنه أبو بكر وعمر وسائر الصحابة لا ديةً ولا كفارةً. وكذلك سائر من قتله المرتدون والمحاربون لمَّا عادوا إلى الإسلام لم يُضمِّنهم المسلمون شيئًا من ذلك.


(١) قتله صفوان بن أميَّة بن خلف الجمحي، أسلم بعد الفتح فحسُن إسلامه. انظر: «طبقات ابن سعد» (٣/ ٥٠٧) و «صحيح مسلم» (٢٣١٣).