للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بحضرتهم، ولا تكون الخنازير مجاورةً لهم. ويجوز أن يكون بالزاي المعجمة، أي: لا نتعدَّى بها عليهم جهرةً، بل إذا أتينا بها إلى بيوتنا أتينا بها خفيةً بحيث لا يَطَّلعون على ذلك. والمعنيان صحيحان، وذلك يتضمَّن إخفاء الخمر والخنزير فيما بينهم، وأن لا يُظهروا بهما بين المسلمين كما لا يظهرون بسائر المنكرات.

فصل

وكذلك قولهم: (ولا نجاوز المسلمين بموتانا).

يجوز أن يكون بالزاي والراء، من المجاوزة والمجاورة، فإن كان بالمهملة فالمعنى اشتراط دفنهم في ناحية من الأرض، لا تجاور قبورُهم بيوتَ المسلمين ولا قبورَهم، بل تنفرد عنهم، لأنَّها محل العذاب والغضب، فلا تكون هي ومحل الرحمة في موضع واحد لِما يلحق المسلمين بذلك من الضرر.

وإن كان بالمعجمة من المجاوزة، فعادة (١) النصارى في أمواتهم يُوقِدون الشموع ويَزُفُّون بها الميت، ويرفعون أصواتهم بقراءة كتبهم، وقد منع جماعةٌ من الصحابة أن تتبع جنائزهم بنارٍ خوفًا من التشبُّه بهم. وعلى رواية الزاي المعجمة فليس لهم أن يحملوا أمواتهم في أسواق المسلمين ولا في الطرق الواسعة التي يمُرُّ بها المسلمون. وإنَّما يقصدون المواضع الخالية التي لا يراهم فيها أحدٌ من المسلمين.


(١) في الأصل: «وعادة»، ولعل المثبت أشبه.