للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالت طائفةٌ (١): معناه عن إنعامٍ منكم عليهم بإقراركم لهم وبالقبول منهم.

والصحيح القول الأول، وعليه الناس.

وأبعدَ كلَّ البعد ولم يُصِبْ مراد الله من قال (٢): المعنى: عن يدٍ منهم، أي عن قدرةٍ على أدائها، فلا تُؤخذ من عاجزٍ عنها. وهذا الحكم صحيح، وحملُ الآية عليه باطلٌ، ولم يفسِّر به أحدٌ من الصحابة ولا التابعين ولا سلف الأمة، وإنما هو من حذاقة بعض المتأخرين.

وقوله تعالى: {وَهُمْ صَاغِرُونَ} حالٌ أخرى، فالأول حال المسلمين في أخذ الجزية منهم أن يأخذوها بقهرٍ وعن يدٍ، والثاني حال الدافع لها أن يدفعها وهو صاغرٌ ذليلٌ.

واختلف الناس في تفسير "الصغار" الذي يكونون عليه وقتَ أداء الجزية، فقال عكرمة (٣): أن يدفعها وهو قائمٌ، ويكون الآخذ جالسًا.

وقالت طائفةٌ (٤): أن يأتي بها بنفسه ماشيًا لا راكبًا، ويُطال وقوفُه عند


(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٢/ ٤٤٢)، و"تفسير البغوي" (٢/ ٢٨٢)، و"زاد المسير" (٣/ ٤٢٠).
(٢) نقله الماوردي في "النكت والعيون" (٢/ ١٢٨)، و"الأحكام السلطانية" (ص ٢٢٣).
(٣) أخرجه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٤٠٨)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٧٨٠).
(٤) انظر: "تفسير الطبري" (١١/ ٤٠٨)، و"تفسير البغوي" (٢/ ٢٨٢)، و"النكت والعيون" (٢/ ١٢٨)، و"زاد المسير" (٣/ ٤٢١)، و"المغني" (١٣/ ٢٥٢).