للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: الجواب من وجوهٍ:

أحدها: أن كعبًا كان له عهدٌ من النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمان، وقد ذكرنا الرواية الخاصة أن كعب بن الأشرف كان معاهدًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - (١)، ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعله ناقضًا للعهد بهجائه وأذاه بلسانه.

الثاني: أنَّا قد قدمنا في حديث جابرٍ أن أول ما نقض به العهدَ قصيدتُه التي أنشأها يهجو بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما هجاه بهذه القصيدة ندب إلى قتله.

الثالث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لليهود لما جاؤوا إليه في شأن قتله: «إنه نال منا الأذى وهجانا بالشعر، ولم يفعل هذا أحدٌ منكم إلا كان السيفُ» (٢). وهذا نصٌّ في أن من فعل هذا فقد استحق السيف.

الرابع: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يندب إلى قتله لكونه ذهب إلى مكة وفعل ما فعل هناك، وإنما ندب إلى قتله لما قدم وهجاه، كما جاء ذلك مفسَّرًا في حديث جابرٍ المتقدم في قوله: «ثم قدم المدينة معلنًا بعداوة النبي - صلى الله عليه وسلم -». ثم بين أن أول ما قطع به العهد تلك الأبيات التي قالها بعد الرجوع، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حينئذ ندب إلى قتله.

وكذلك في حديث موسى بن عقبة: «من لنا من ابن الأشرف؟ فقد


(١) «وأمان ... للنبي - صلى الله عليه وسلم -» سقط من المطبوع.
(٢) «مغازي الواقدي» (١/ ١٩٢)، وقد سبق.