للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر أحكام أطفالهم في الآخرة

واختلاف الناس في ذلك، وحجَّة كلِّ طائفةٍ على ما ذهبت إليه

وبيان الراجح من أقوالهم (١)

فذهبت طائفةٌ من أهل العلم إلى التوقُّف في جميع الأطفال، سواءٌ كان آباؤهم مسلمين أو كفارًا، وجعلوهم بجملتهم في المشيئة.

وخالفهم في ذلك آخرون، فحكموا لهم بالجنة، وحكوا الإجماع على ذلك. قال الإمام أحمد: لا يختلف فيهم أحدٌ أنَّهم في الجنة (٢).

واحتجَّ أرباب التوقف بما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث عبد الله بن مسعودٍ وأنس بن مالك وغيرهما: «إنَّ الله وكَّل بالرحم مَلَكًا، فإذا أراد الله أن يقضيَ خَلْقه قال الملَك: يا ربِّ، أذكر أم أنثى؟ شقيٌّ أم سعيد؟ فما الرزق؟ فما الأجل؟ فيكتب كذلك، وهو في بطن أمِّه» (٣).

وكذلك قوله في حديث ابن مسعودٍ: «ثم يُرسَل إليه الملك، فيُؤمَر بأربع كلماتٍ: يكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقيٌّ أم سعيد». متفقٌ على صحته.


(١) وقد فصَّل المؤلف القول في هذه المسألة أيضًا في «طريق الهجرتين» (٢/ ٨٤١ - ٨٧٧)، كما ذكرها باختصار في «تهذيب السنن» (٣/ ٢٠٦ - ٢٢٢).
(٢) إنما قال ذلك في أطفال المسلمين، وسيأتي نصُّ الرواية عنه.
(٣) هذا لفظ حديث أنس، أخرجه البخاري (٣١٨) ومسلم (٢٦٤٦). وأما حديث ابن مسعود المتفق عليه فقد سبق مرارًا. وفي الباب حديث حذيفة بن أسيد الغفاري - رضي الله عنه - عند مسلم (٢٦٤٥).