للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: فهل تُورِّثونه من الميت منهما؟

قلنا: نعم، نورِّثه. نقله الخِرَقي (١)، فقال: وكذلك من مات من الأبوين على كفره قُسم له ــ يعني للطفل ــ الميراث، وكان مسلمًا بموت من مات منهما (٢).

وذلك كافٍ (٣)، لأنَّ إسلامه إنَّما يثبت بموت أبيه الذي استحقَّ به الميراث، فلم يتقدَّم الإسلامُ المانعُ عن الميراث على سبب استحقاقه، ولأنَّ الحرية (٤) المُعلَّقة بالموت لا توجب الميراث فيما إذا قال سيِّدُ العبدِ له: إذا مات أبوك فأنت حرٌّ، فمات أبوه، فإنَّه يَعتِقُ ولا يرث؛ فيجب أن يكون الإسلام المعلَّق بالموت لا يمنع الميراث، فهناك موجِب الميراث عُلِّقَ بالموت (٥) فلم يوجبه، وهنا مانع الميراث علّق بالموت فلم يمنعه.

وأيضًا: فكونه وارثًا أمرٌ ثابتٌ له قبل الموت، ولهذا يُمنع المريض من التصرُّف في الزائد على الثلث من ماله، فبالموت عمل المقتضي المتقدمُ لأخذ المال عمَلَه، وهو البعضيَّة والبنوَّة. وهذا بخلاف الإسلام، فإنَّه لم يكن


(١) في المطبوع: «الحربي»، تحريف، وعرَّف به المحقق وترجم له. وقول الخرقي في «مختصره» (١٢/ ٢٨٥ - المغني).
(٢) نصَّ أحمد على ذلك في رواية أبي طالب. انظر: «الجامع» (١/ ٨٩).
(٣) كذا، ولم يتبيَّن المشار إليه، أخشى أن يكون ثَم سقط أو تصحيف في النسخة. وفي «المغني» (١٢/ ٢٨٦): «وإنما قُسم له الميراث لأن إسلامه ... » إلخ الفقرة بنحوه.
(٤) في الأصل: «جزية» خطأ.
(٥) «علِّق بالموت» سقط من المطبوع.