للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَكُونَ اَلدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ اِنتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى اَلظَّالِمِينَ} [البقرة: ١٩٣]، فمدَّ قتالهم إلى أن ينتهوا عن أسباب الفتنة وهي الشرك، وأخبر أنه لا عدوان إلا على الظالمين، والمجاهِرُ بالسبِّ والعدوان على الإسلام غيرُ منتهٍ، فقِتاله واجبٌ إذا كان غير مقدورٍ عليه، وقتلُه مع القدرة حتم، وهو ظالم فعليه العدوان الذي نفاه عمن انتهى، وهو القتل والقتال. وهذا بحمد الله في غاية الوضوح.

فصل

الدليل الرابع عشر: قوله: {بَرَاءَةٌ مِّنَ اَللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى اَلَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ اَلْمُشْرِكِينَ} إلى قوله: {إِلَّا اَلَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ اَلْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} [التوبة: ١ - ٤]، فأمر سبحانه أن يوفى لهم ما لم ينقصونا شيئًا مما عاهدناهم عليه. ومعلومٌ أن من فعل تلك الأفعال فقد نقصَنا جلَّ ما عاهدناه عليه ما خلا الدينار الذي هو أهون شيءٍ عُوهِد عليه، فهو أولى بفسخ العهد من نقص الدينار، ولا كان باذِلَه وقد جاهر بأعظم العداوة.

يوضِّحه: أنَّ الدينار لم يأخذه منه المسلمون لحاجتهم إليه، وقد فتح الله عليهم الدنيا، وإنما أُخِذ منه إذلالًا له وقهرًا حتى يكون صاغرًا، فإذا امتنع من بذله لم يكن صاغرًا فاستحقَّ القتل، فإذا أتى ما هو أعظم من منع الدينار مما ينافي الصغار، فاستحقاقه للقتل أولى وأحرى. وهذا يقرُب من القطع (١).

* * * *


(١) في الأصل: «المقاطع»، ولعله تصحيف عن المثبت. وقد سبق مثله (ص ١٠٢).