للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

الدليل الثالث: ما احتجَّ به الشافعي على أن الذميَّ إذا سبَّ قُتِل وبرئت منه الذمة، وهو قصة كعب بن الأشرف.

قال الخطابي (١): قال الشافعي: يقتل الذمي إذا سب النبي - صلى الله عليه وسلم - وتبرأ منه الذمة. واحتج في ذلك بخبر كعب بن الأشرف.

قال الشافعي في «الأم» (٢): «لم يكن بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا قربه رجل من أهل الكتاب إلا يهود المدينة، وكانوا حلفاء الأنصار، ولم يكن الأنصار أجمعت أوَّلَ ما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إسلامًا، فوادعت اليهودُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم تخرج إلى شيء من عداوته بقول يظهر ولا فعلٍ، حتى كانت وقعة بدرٍ، فتكلَّم بعضُهم بعداوته والتحريض عليه، فقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم».

ومعلومٌ أنه إنما أراد بهذا الكلام كعبَ بن الأشرف، وقصته مشهورةٌ مستفيضةٌ.

وقد رواها عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من لكعب بن الأشرف، فإنه قد آذى الله ورسوله؟»، فقام محمد بن مسلمة فقال: أنا يا رسول الله، أتحب أن أقتله؟ قال: «نعم». قال: فائذن لي أن أقول شيئًا، قال: «قل»، فأتاه وذكَّره ما بينهم، قال: إن هذا الرجل قد أراد الصدقة وعنَّانا، فلما سمعه قال: وأيضًا والله لتملُّنَّه، قال: إنَّا قد اتبعناه الآن، ونكره أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيءٍ يصير أمرُه. قال: وقد أردت أن


(١) في «معالم السنن» (٦/ ٢٠٠).
(٢) (٥/ ٤٠١ - ٤٠٢).