للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأجمع الفقهاء على أن الجزية تُؤخذ من أهل الكتاب ومن المجوس. وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قد توقَّف في أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوفٍ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذها من مجوس هَجَرَ. ذكره البخاري (١).

وذكر الشافعي (٢) أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس فقال: ما أدري كيف أصنعُ في أمرهم، فقال له عبد الرحمن بن عوفٍ: أشهد لسمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "سُنُّوا بهم سنةَ أهل الكتاب". وهذا صريحٌ في أنهم ليسوا من أهل الكتاب، ويدلُّ عليه قوله تعالى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ} [الأنعام: ١٥٧]، فالله سبحانه حكى هذا عنهم، ولم ينكره عليهم ولم يكذِّبهم فيه.

وأما حديث عليٍّ أنه قال: "أنا أعلم الناس بالمجوس: كان لهم علمٌ


(١) في "صحيحه" (٣١٥٦).
(٢) في "الأم" (٥/ ٤٠٨) عن مالك ــ وهو في "الموطأ" (٧٥٦) ــ عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن عمر ... إلخ. وأخرجه أيضًا عبد الرزاق (١٠٠٢٥) وابن أبي شيبة (١٠٨٧٠، ٣٣٣١٨، ٣٣٣١٩) وأبو يعلى (٨٦٢) وغيرهم من طرقٍ عن جعفر بن محمد به. رجاله ثقات، إلا أنه منقطع كما قال الشافعي عند إيراده، وذلك أن محمدًا ــ وهو الباقر ــ لم يُدرك عمر ولا عبد الرحمن. قال ابن عبد البر في "التمهيد" (٢/ ١١٦): هو منقطع ولكن معناه متصل من وجوه حسان. قلتُ: منها حديث البخاري المتقدم آنفًا. وانظر: "تنقيح التحقيق" (٤/ ٦١٨) و"إرواء الغليل" (١٢٤٨، ١٢٤٩).